تمتلك مصر رؤية فريدة فى مجال الطاقة مدعومة من قيادتها السياسية، شجعت دخول استثمارات أجنبية مباشرة لمصر لأول مرة، بعد أن كانت تراقب عن كثب لسنوات ما تشهده الساحة المصرية.
ونال تنوع الأجندة الاستثمارية فى مجال الطاقة شهادات دولية تتواصل بالإشادات، فبعد أن حققت التجربة المصرية نجاحا فى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، واستخدام الغاز وإحلاله بديلا نظيفا فى عمليات التصنيع، فضلا عن كونه وقودا نظيفا رخيصا للسيارات، باتت الآمال معقودة على استخدام الهيدروجين فى التصنيع، إلى جانب دراسات وخطط استخدامه أيضا فى تسيير المركبات.
ويكشف هذا التنوع عن استراتيجية وطنية تستهدف جذب انتباه العالم، بل تمتد إلى إبهاره بالمقصد الاستثمارى المصرى فى مجال الطاقة، فلم يرتد طرف الساحة العالمية التى شهدت ميلاد أول منظمة دولية للغاز على أرض مصر – منتدى غاز شرق المتوسط – حتى أتاها إعلان مصر عن تدشين استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين، وهرعت كبرى الشركات العالمية للدخول فى مشاورات مع مصر من أجل الاستثمار المشترك، لحجز مكان لها يمكنها من إعادة تصدير الوقود إلى الاسواق المتاخمة لمصر، من خلال البوابة المصرية على العالم إما لإفريقيا أو من خلال موانيها البحرية التى تقع فى قلب حركة التجارة العالمية.
كشف المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية عن أنه تجرى حاليا صياغة استراتيجية خاصة بصناعة الهيدروجين فى مصر من خلال لجنة وزارية تشارك فيها وزارة البترول كعضو رئيسى، فضلا عن التواصل المستمر من قطاع البترول مع الشركات العالمية ذات الخبرات الفنية الكبيرة فى هذا المجال لاستكشاف فرص التعاون، وأنه تم تنفيذ مشروعات تجريبية فى مصر. وأشار إلى أن مصر بدأت خطوات فعلية للدخول فى صناعة الهيدروجين وإنتاجه كمصدر نظيف للوقود، مشيرا إلى أن هناك تواصلا دائما ومشاركة فاعلة فى مختلف الفعاليات العالمية فى هذا المجال. وشارك الملا مؤخرا فى المنتدى الأول حول «إطلاق صناعات الهيدروجين فى إفريقيا» عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وشارك فى اللقاء أيضا الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة. وأضاف الملا أن مصر تمتلك مقومات كبيرة ومزايا تنافسية تؤهلها للدخول فى صناعة الهيدروجين، خاصة توافر مصادر الغاز الطبيعى فى مصر لدعم إنتاج الهيدروجين الأزرق الذى يعد مهماً على المديين القصير والمتوسط حتى يمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر بفعالية وجدوى اقتصادية عالية.
وأوضح أن مصر لديها سوق محلية واسعة وصناعات تمثل مستهلكين محتملين للهيدروجين، كما تتمتع بموقع استراتيجى وموان على البحرين المتوسط والأحمر للوفاء بالطلب المحلى والاقليمى والعالمى على الهيدروجين، إضافة إلى خبرتها الطويلة فى التكنولوجيات المستخدمة فى إنتاج الهيدروجين وشراكتها الممتدة مع الشركات المزودة لتكنولوجيات الإنتاج، وكذلك توافر الخبرات الفنية والقدرات التصميمية فى قطاع البترول للمساهمة فى التصنيع المحلى لمعدات إنتاج الهيدروجين، إلى جانب توافر البنية الأساسية والشبكات لنقل المنتج وتوافر الخبرة الفنية للتعامل معه وتخزينه. وأكد أن مصر ستواصل الاستثمار فى توفير مقومات إنتاج الهيدروجين وتكنولوجيات تجميعه وتخزينه وعقد شراكات استراتيجية وتعاون مع الدول والشركات العالمية الكبرى، مؤكداً أن مصر واحدة من أفضل الوجهات للمستثمرين إقليمياً ودولياً فى هذه الصناعة الواعدة.
وأضاف الملا أن هذه الخطوات تتسق مع توجهات الدولة المصرية للتحول نحو الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون وتحقيق التنمية المستدامة فى إطار رؤية مصر ٢٠٣٠ والتى تركز على الطاقة كعنصر اقتصادى لتحقيق الاستدامة، واستراتيجية الطاقة فى مصر حتى عام ٢٠٣٥ والتى يجرى تحديثها حالياً واتفاقية باريس للمناخ التى صدقت عليها مصر والتى تهدف لدعم الاستجابة العالمية لمخاطر التغير المناخى. وأكد أن هناك رؤية للتوسع فى الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فى إنتاج ٤٠٪ من الكهرباء بحلول عام ٢٠٣٠، لافتا إلى أن هناك مباحثات مع المانيا وبلجيكا لاستغلال وقود الهيدروجين النظيف، وأن هذه الجهود تعكس ما تقدمه مصر من خطى ايجابية فى مجال الطاقة النظيفة. ويمتلك قطاع البترول أجندة استثمارية متنوعة تضم استثمارات الغاز الطبيعى كمصدر مهم للانتقال نحو الطاقة النظيفة باعتباره أنظف أنواع الوقود التقليدى، فضلا عن مبادرات فى هذا المجال وخاصة على الصعيد الإقليمى بعد التأسيس الرسمى لمنتدى غاز شرق المتوسط، واتخاذ إجراءات لدعم وتعزيز استخدام الغاز الطبيعى كوقود نظيف فى السوق من خلال إحلاله محل السولار والمازوت بمحطات الكهرباء والتوسع فى توصيل الغاز الطبيعى وإحلاله محل البوتاجاز فى أكثر من ١٢ مليون وحدة سكنية على مستوى الجمهورية والتوسع فى استخدام الغاز الطبيعى المضغوط فى السيارات من خلال خطة طموح لتحويل أكثر من 450 ألف سيارة خلال السنوات الثلاث المقبل