تفاصيل الخبر
اقتصادان يكملان بعضهما لتحقيق إستراتيجية 2030.. رئتان خضراء وزرقاء للتنمية.. «الأخضر» يحقق لمصر 2.4 مليار دولار سنويا.. و«الأزرق» يضمن الاستخدام المُستدام للموارد المائية
التاريخ : 3 / 11 / 2021
وزيرة البيئة: نسهم بإصدار دليل معايير الاستدامة البيئية وتفعيل إستراتيجية التعافى نحو الأخضر د. يمن الحماقى: توطين تكنولوجيات لتصنيع الخلايا الشمسية ضرورى لتقديم قيمة مُضافة للاقتصاد   يوما بعد الآخر، تتواصل خطوات مصر نحو الاقتصاد الأخضر، مع هذا التحرك الذي يقدم للاقتصاد المصري المزيد من الوفورات، نجد عددا من الجهات التي تسعى وبقوة، نحو بناء وتنويع ما يمكن تسميته بالمحفظة الاستثمارية الخضراء، وما يرتبط به من استثمارات مماثلة.


ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما نجد تحركا مدروسا ومتناميا، نحو التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي تستهدف المزيد من الدفعات الإيجابية في اتجاه الاهتمام بالاقتصاد الأخضر، وكان آخرها الاتفاق الذي وقعته مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات تتراوح ما بين 50 إلى 100 ميجاوات، كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وهذا كله يشير إلى سعى مصر وسياستها لتدعيم مبادئ الاقتصادين الأخضر والأزرق فى خططها نحو التنمية .. فما هما ؟ وما أهميتهما للتنمية ؟ وماذا تحقق من نتائج في تلك المهمة التي تستهدف التنمية المستدامة دون الإخلال بالبيئة وسلامتها. بداية نجد أن هذين الاقتصادين يرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا، ويكملان بعضهما لتحقيق إستراتيجية 2030 للتنمية المُستدامة، باعتبارهما قُطبى التنمية، وقد أشار تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة قبل ٥ سنوات إلى أن التحول للاقتصاد الأخضر يحقق لمصر، وفورات تصل إلى 2.4 مليار دولار سنويا، وخفض لانبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 13% بجانب تقليل استهلاك المياه بنسبة 40% فضلا عن ايجاد 8 ملايين فرصة عمل جديدة، أما الاقتصاد الأزرق فهو يعنى الاستخدام المُستدام للموارد المائية والحفاظ عليها وما تشمله من كائنات، سواء فى البحار أو الأنهار أو البحيرات، وتعطى مصر أولوية للاهتمام بالاقتصاد الأزرق من خلال الاهتمام بالاستزراع السمكى والسياحة المستدامة والشحن البحرى الأخضر والاهتمام بالموانى، وتطويرها ورقمنتها لتصبح موانى ذكية، ومصر لديها 60 ميناء صغيرا وكبيرا تحتاج لتحويلها إلى لوجيستية مثل عمليات الشحن والتفريغ وإعادة التصدير وتصنيع وصيانة السفن والصناعات البحرية وسياحة السفن والغوص، ولهذا سوف تنظم مصر مؤتمرا للاقتصاد الأزرق بالإسكندرية عام 2022. تشير الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى أن الوزارة تسهم فى المشروعات الخضراء من خلال إصدار دليل معايير الاستدامة البيئية للمشروعات داخل الخطة التنموية للدولة بهدف توجيه جهود القطاعات التمويلية والتنفيذية للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مع التركيز على جذب الاستثمارات فى مجال التكيف مع التغيرات البيئية كخطوة نحو تفعيل الإستراتيجية الوطنية للتعافى نحو الأخضر، ومصر تقدم حزمة آليات جاذبة للاستثمار من قبل القطاع الخاص فى مشروعات التكيف.  وتوضح الوزيرة أن مزيج الطاقة وحجم مشاركة الطاقة المتجددة نقطة محورية فى التكيف، بالإضافة إلى التوجه نحو التنمية الاقتصادية الخضراء والتى من خلالها يقل الاعتماد على الكربون ومنها مشروعات تدوير المخلفات وتحويلها إلى طاقة، ويعتبر مشروع قرية قلهانة بمركز إطسا بمحافظة الفيوم لمعالجة المخلفات وتحويلها إلى طاقة أحد النماذج التى نسعى إلى تكرار تجربتها فى منطقة أبو رواش بالجيزة وفى 8 مواقع أخرى فى محافظات مختلفة، ويُمكن القول إن 15% من مشروعات الخطة الاستثمارية للدولة عام 2021 مشروعات خضراء، والدولة تسعى لرفع مستوى المشروعات الخضراء إلى 30% فى عام 2022 وإلى 50% فى عام 2050. الممر الأخضر تعتبر قناة السويس والمنطقة الاقتصادية من أهم أذرع التنمية والاقتصاد الأزرق فى مصر، فقد وصف الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس الممر الملاحى لقناة السويس بأنه يُعتبر ممرا أخضر ويشتهر بذلك عالميا لأنه واسع وبالتالى الوقود المستخدم من قبل السفن العابرة أقل، وبالتعاون مع وزارة البيئة يتم تحليل المياه يوميا لمتابعة حدوث أى تلوث، وتُستخدم أوناش لمواجهة أى تسريب ويتم محاصرتها وشفطها، وتم مؤخرا التعاقد على بعض الأوناش الفرنسية لقيامها بتلك المهام وتدريب العمال على استخدامها لتحسين كفاءة الحماية البيئية للمجرى الملاحى، وأعلنت مجموعة فوربس الاقتصادية العالمية حصول هيئة قناة السويس على المركز الثانى ضمن قائمة أكبر عشر مؤسسات لوجيستية في الشرق الأوسط لعام 2021.   تقول الدكتورة أنهار ابراهيم حجازى نائب الأمين التنفيذى للجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا (الأسكوا) سابقا إن مصر أصدرت قرارا فى 2020 بالتركيز على التحول للاقتصاد الأخضر ومراعاة أبعاد الاستدامة فى المشروعات التنموية وذلك من خلال نهج آليات لتنفيذ الإطار الإستراتيجى للتعافى الأخضر، بهدف إعداد وتنفيذ مشروعات إنتاجية تعمل على تنويع مصادر الانتاج وتوطين التكنولوجيا وتعميق الاستفادة من الموارد المحلية ورفع كفاءة استخدامها وتنمية استخدام المصادر المتجددة، لذلك وضعت حزمة من السياسات مثل تأمين مصادر التغذية الكهربية من خلال زيادة القدرات لمحطات إنتاج الكهرباء ورفع كفاءة الإنتاج الكهربى وتحديث وتطوير الشبكات الكهربية كذلك تحسين كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة والاستفادة من الموارد المحلية للطاقة، وأيضا زيادة العوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتحول فى نظام الطاقة، حيث إن التحول فى قطاع الطاقة يشمل تقنيات النقل المستدام (المركبات الكهربية)، مع زيادة فرص مشاركة قطاع الطاقة فى خفض الانبعاثات والحفاظ على البيئة والاعتماد على التقنيات ذات القدرة فى خفض الانبعاثات. وفي هذا الصدد، يوضح الدكتور محمد الخياط رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، أن مشروعات الطاقة المتجددة فى مصر تمثل 18% من الحمل الأقصى للتغذية الكهربية بإجمالى قدرات تصل إلى 6 آلاف ميجاوات، تُمثل الطاقة المُنتجة من مصادر مائية نسبة 50% من خزان أسوان والسد العالى والقناطر ونسبة 25% من الرياح بمجمع الزعفرانة وجبل الزيت و25% من الشمس بمحطة بنبان بأسوان بجانب بعض المشروعات فى بعض المحافظات، ويعتبر مشروع مُجمع خليج السويس أكبر مشروع على الساحل الغربى لخليج السويس، ويشمل تعاقدات استثمارية لإنتاج 2400 ميجاوات برأسمال أكثر من 2.5 مليار دولار لاستخدام طاقة الرياح، ويتوقع أن يتجاوز إنتاجه 30% من الطاقات المتجددة عام 2024 حيث تُركز الدولة على جذب الاستثمار الأجنبى لتنفيذ المشروعات فى مجال الطاقة المتجددة، مع تركيزها فى الصعيد لتنميته وإيجاد فُرص عمل بجانب توزيع حصة الطاقة المُتجددة على العديد من المناطق. تحديات وفرص تكشف الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن الاقتصاد الأخضر فى مصر يواجه تحديات ويتيح فُرصا جديدة، فمثلا مشروعات توليد الطاقة الشمسية في بنبان من أهم المشروعات التى تخدم هذا القطاع من الاقتصاد الأخضر، لكن السؤال الجوهرى الآن إلى أى مدى يمكن لهذا المشروع أن يُقدم قيمة مُضافة للاقتصاد القومى وهذا يتطلب عملية توطين لتكنولوجيات لتصنيع الخلايا الشمسية، وهذا يحتاج لاستثمارات ودور الدولة يتركز في الترويج لتلك النوعية من الاستثمارات وتقديم المزايا للاستثمارات ذات الأولوية والأهمية لمصر، ويمكن أن تكون مصادر الجذب فى سيناء لتوطين صناعة خلايا شمسية وهذا يتطلب ضخ استثمارات أجنبية والاستفادة من البحث العلمى، ولابد من تدريب العمالة لتصبح مصر مركزا لتقديم كل جديد فى مجال الطاقة الشمسية على المستوى الإقليمى. أما المهندس يحيى زكى، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فيوضح أن الهيئة منذ إنشائها عام 2015 تستهدف تنمية محور القناة من خلال استقطاب استثمارات محلية وعالمية، والمنطقة الاقتصادية تعتمد على تطبيق نظام (GIS) لوضعها فى مصاف الموانى الذكية، لزيادة تنافسيتها وكفاءة أنظمتها بما يتوافق مع المواصفات العالمية ودمج المعلومات المكانية والوصفية فى قاعدة معلومات موحدة، وهى تنقسم إلى المنطقة الشمالية، وتشمل موانى غرب وشرق بورسعيد والعريش، والمنطقة الجنوبية وتضم موانى السخنة والأدبية والطور. ويضيف أن المنطقة الاقتصادية نجحت من خلال خطتها الخمسية الأولى 2015- 2020 فى توفير مُتطلبات المستثمرين بإقامة محطات الكهرباء بتكلفة وصلت إلى 4.4 مليار جنيه، ومحطات لتحلية مياه البحر بتكلفة 5.4 مليار جنيه، وأقامت محطات ووحدات لمعالجة مياه الصرف الصحى بتكلفة 2.4 مليار جنيه، وإنشاء وصلات الكابلات الضوئية بقيمة 29 مليون جنيه وشبكة للغاز الطبيعى بتكلفة 252 مليون جنيه، وإنشاء شبكة طرق فى شرق بورسعيد بطول 64 كيلومترا وبتكلفة 4.2 مليار جنيه، وبالمنطقة الصناعية بالقنطرة غرب بطول 32 كيلومترا بتكلفة 455 مليون جنيه والمرافق تكلفت 627 مليون جنيه، بجانب أعمال المرافق فى المنطقة الصناعية بالاسماعيلية شرق (وادى التكنولوجيا) بتكلفة 35 مليون جنيه للمرحلة الأولى  و81 مليونا فى الثانية، وسوف ينتهى العمل فيها عام 2022، وتم الانتهاء من تنفيذ مخرات السيول بالمنطقة الصناعية بالعين السخنة بتكلفة 32 مليون جنيه. المزارع السمكية تعتبر الثروة السمكية من أهم موارد الاقتصاد الأزرق وتدخل استدامتها فى نطاق الاقتصاد الأخضر، ووفقا للدكتور صلاح مصيلحى، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، فقد تضاعف إنتاج المزارع السمكية فى خلال العشر سنوات الماضية تسعة أضعاف، حيث كان إنتاج الأقفاص السمكية 1.7 مليون طن سنويا يُمثل القطاع الخاص فيها أكثر من 141 ألف مزرعة مقابل 12.6 ألف تمتلكها الدولة، بجانب مزارع المُفرخات فى المياه البحرية والعذبة التى تملكها الهيئة والتى تُمثل 75% وتتولى المفرخات السمكية الأهلية إنتاج 25% من الزريعة. كما يشمل الاقتصاد الأزرق سياحة المراكب، والتى يبلغ عددها فى مصر أكثر من 320 مركبا عائما، وهى فنادق مُجهزة، يقول محمد جمال الدين، مُدير إحدى تلك المراكب بأسوان، إنها تخضع لعدة اشتراطات من قبل هيئة الملاحة وهيئة الرقابة النهرية وشرطة المسطحات المائية وتنشيط السياحة ووزارة البيئة من أجل التشغيل والتحرك الملاحى وذلك لحماية النيل وضمان سلامة المركب، ويشترط التعاقد مع جهات لرفع المخلفات الصلبة والسائلة، وإجراء نظافة للخزانات التى تكون أسفل الباخرة العائمة التى تحوى تلك المخلفات، والتخلص منها فى مكان مُحدد فى أسوان وأدفو والأقصر مُقابل رسوم مع إجراء الصيانة والرقابة الدورية لحجرة التحكم بالباخرة. 

العودة الى الأخبار