تفاصيل الخبر
عاصمة الطاقة بالجمهورية الجديدة.. «بنبان» أسوان تطرق أبواب الشمس والرياح لتحقيق الاكتفاء من الكهرباء
التاريخ : 22 / 2 / 2022
لأن الله قد حباها بثراء واضح فى مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الرياح والشمس، تنبهت الدولة المصرية مبكرًا إلى أن تلك الهبة الربانية قد تؤهلها لتكون واحدة من أكبر منتجى الطاقة المتجددة، فأطلس الرياح يشير إلى أن مصر تمتلك أكبر قدرات كهربائية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يمكن أن يصل إنتاجها لحوالى 90 جيجاوات من طاقتى الرياح والشمس، بجانب الطاقة النووية واستخداماتها السلمية.


الحكومة المصرية تفوقت على نفسها، حيث وصلت نسبة مشاركة الطاقات المتجددة من الحمل الأقصى للكهرباء إلى 20 % بنهاية عام 2021، ومن المخطط أن تصل النسبة لما يزيد على 42 % بحلول عام 2035. واتخذت الدولة إجراءات هامة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة، وفقاً لعدد من الآليات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات القطاع وعلى رأسها مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة. لم تضع مصر الطاقة المتجددة كمجرد مصدر من مصادر الطاقة وحسب، بل ستكون أحد أهم عناصر الحلول للمشكلات التى تواجه الدولة، كما أن الطاقة المتجددة ستكون عنصرا أساسيا فى مشروعات تحلية المياه وإنتاج الهيدروجين الأخضر والتخلص الآمن من النفايات المشعة وذلك كما جاء على لسان الدكتور محمد الخياط رئيس هيئة الطاقة المتجددة. على أرض أسوان، أطلقت مصر مشروع بنبان للطاقة الشمسية، الذى حول المدينة كى تصبح عاصمة الطاقة الشمسية فى العالم، كونها تضم واحد من أكبر تجمعات محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ويبلغ عددها 32 محطة بقدرة 1465 ميجا وات، ومن المقرر أن يتم التوسع فى هذه المشروعات القومية بما يوفر الطاقة الكهربائية والتى باتت تشكل عبئا شديدا على المواطنين على خلفية الفواتير العالية التى يتكبدها المواطن كل شهر. يؤكد الدكتور على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا، أن مصر أول دولة فى العالم تستخدم الطاقة الشمسية، ففى عام 1914 بدأ تشغيل أول محطة طاقة شمسية حرارية فى حى المعادى بالقاهرة. كانت تتكون من 5 مجمعات طاقة شمسية، طول المجمع 62 مترا وعرضه 4 أمتار، وكانت تستخدم فى تشغيل طلمبة مياه، تعمل على رفع 27.3 مترمكعب من الماء فى الدقيقة. ورغم هذا الحدث التاريخى العالمى إلا أن مصر تأخرت كثيرا فى استخدام الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء أو فى الاستخدامات الأخرى مثل إنتاج الطاقة الحرارية للمصانع والمنازل، مضيفا أن التكنولوجيات المستخدمة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، إما أن تكون تكنولوجيا ضوئية والتى تستخدم الخلايا الكهروضوئية فى توليد مباشر للكهرباء، ويتم تصنيعها من مواد أشباه موصلة، أو تكون تكنولوجيا حرارية والتى تستخدم المرايات فى تركيز حرارة الشمس، حيث تستخدم هذه الحرارة المجمعة لإنتاج بخار ماء، والذى بدوره يقوم بتشغيل وحدة “توربينة-مولد” لإنتاج الكهرباء. وقال عبد النبى: المحاولة الثانية لمصر فى مجال استخدام الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء، فكانت فى عام 2011، حيث بدأ تشغيل محطة الكريمات للطاقة الشمسية الحرارية قدرة 20 ميجاوات، والتى تعمل بالمرايات المقعرة، وتشغل مساحة 644 ألف متر مربع، وبعدد مجمعات شمسية 1920 مجمع، وتحتوى على 53760 مرايا. ومن خلال محطة بنبان للطاقة الشمسية، نستطيع أن نقول أن مصر دخلت وبقوة فى مجال إنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية الكهروضوئية، قدرتها الحالية 1465 ميجاوات، ومع اكتمال المشروع تصبح قدرتها 2000 ميجاوات، موضحا أن “بنبان” اسم قرية تقع على بعد 35 كيلو شمال غرب مدينة أسوان، وقد تم اختيار موقع “بنبان” بناء على دراسات وتقارير من وكالة “ناسا” الفضائية، وبمشاركة بعض المؤسسات العلمية العالمية، والتى أكدت الميزة النسبية لأسوان فى إقامة هذه المشروعات فى مجال الطاقة الشمسية. وتابع الدكتور على عبد النبي: تعد محطة بنبان أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية على مستوى العالم، وهى أكبر محطة طاقة شمسية فى أفريقيا والشرق الأوسط. محطة “بنبان” تشغل مساحة قدرها ‏37 كيلومتر مربع، والمحطة تضم 40 وحدة لإنتاج الكهرباء، قدرة الوحدة الواحدة 50 ميجاوات، وعدد الألواح الشمسية المستخدمة فى الوحدة الواحدة 200 ألف لوحة، أى أن اللوح الشمسى الواحد قدرته 250 وات. محطات الطاقة المتجددة لا ينبعث منها ثانى أكسيد الكربون، وبالتالى تشغيل محطة “بنبان” بقدرة 2000 ميجاوات، سيساهم فى تفادى ما مقداره 2 مليون طن من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، مضيفا أن مجمع بنبان للطاقة الشمسية يعد أحد أهم مشروعات البنية التحتية فى مصر لتوليد الطاقة من خلال إدارة الاستثمار الأجنبى ومساهمته فى إصدار قوانين داعمة للاستثمار، وفى تعزيز وجذب الاستثمارات الأجنبية فى صعيد مصر، فهى رسالة قوية للعالم للإستثمار فى مصر، حيث يعتبر أكبر حشد للأستثمارات الخاصة. وكذلك من خلال دعمه للمشاركة المجتمعية، فالمشروع له تأثير تنموى ومجتمعى فى المنطقة، ففى فترة التنفيذ، المحطة تساهم فى توفير 11720 فرصة عمل مباشرة، و23440 غير مباشرة، وبعد التشغيل توفر 6000 وظيفة، كما تخصيص الشركات المشاركة فى المشروع ما مقداره 10 % من أرباحها للمسئولية المجتمعية. ولفت إلى أن المشروع يضم 4 محطات محولات رئيسية جهد 500/220/22 كيلوفولت لنقل الكهرباء، وهى بنبان (4،3،2،1) لضخ الطاقة الكهربائية المنتجة من محطة “بنبان” فى الشبكة الموحدة حيث يصل إجمالى أطوال كابلات ربط محطات التوليد بمحطات المحولات إلى 1000 كم. وبالنسبة لخطوط الربط على شبكة 500 كيلوفولت، فهناك ربط مع محطة محولات توشكى 2 عن طريق دائرتين، لتوفير الطاقة المطلوبة لاستصلاح الأراضى الزراعية بمنطقتى توشكى والعوينات. كما أن هناك دائرتين للربط بجهد 500 كيلوفولت فى نجع حمادى 1 و2، والتى ستوفر الطاقة المطلوبة لمصانع قنا والمناطق الصناعية. وهناك ربط على شبكة 220 كيلوفولت، فهناك 3 محولات سعة المحول 175 ميجا فولت أمبير، وهناك محول رابع لتصبح سعة المحطة على شبكة 220 كيلوفولت 700 ميجا فولت أمبير. وشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الأثنين 27 ديسمبر 2021، افتتاح محطة محولات بنبان 3، جهد 500/220/22 كيلوفولت، تحتوى على عدد 4 محولات قدرة 500 ميجا فولت أمبير، وعدد 4 محولات 175 قدرة ميجا فولت أمبير. نظرا لأهمية الطاقة الكهربائية كأمن قومى، أكد الدكتور على عبد النبي أن محطة بنبان للطاقة الشمسية تأتى كأحد مصادر تنوع الطاقة وتعظيم الاستفادة من الطاقة المتجددة، فقد أصبحت محطة “بنبان” من دعائم خطة مصر الاستراتيجية لتنوع مصادر إنتاج الكهرباء. تشارك محطة “بنبان” مع باقى محطات الطاقة الشمسية فى مصر، ومع مزارع طاقة الرياح، ومع محطات الطاقة المائية المتمثلة فى محطة السد العالى ومحطتى خزان أسوان 1و2، وقناطر إسنا وأسيوط ونجع حمادى، وكذلك محطات الطاقة المتجددة المخطط تنفيذها فى المستقبل، فى تحقيق المشاركة بنسبة 42% من إنتاج الكهرباء عام 2035. وعن معوقات توصيل الطاقة الشمسية للبيوت، يقول الدكتور على عبد النبى أن محطة “بنبان” لا تستخدم وسائل تخزين لتخزين الطاقة الكهربائية، إلا أنه لا توجد معوقات لتوصيل الطاقة الشمسية للبيوت، طالما محطات الطاقة الشمسية مربوطة على الشبكة الكهربائية الموحدة. ويؤكد أن المعوقات تظهر عندما تستخدم البيوت الطاقة الشمسية من محطات منفصلة عن الشبكة الكهربائية وتعمل بدون وسائل تخزين للطاقة الكهربائية، لأن الطاقة الكهربائية سوف تنقطع عن البيوت فى أوقات عدم تواجد الشمس، كما تستطيع البيوت،  توفير محطة ألواح طاقة شمسية خاصة بها، لكن مطلوب مساحة تتراوح ما بين 7 إلى 10 متر مسطح لتركيب محطة قدرتها 1 كيلووات. وفى حالة محطة تخدم شقة، فأنت فى احتياج لمساحة مقدارها على الأقل 70 متر مربع. من الناحية الاقتصادية، يقول إنه إذا كان استهلاك الشقة من الكهرباء أقل من 1500 جنية فى الشهر، فلا داعى لاستخدام الطاقة الشمسية، لأنها ستكون مكلفة، متوقع أن تتحول مصر قريبًا لدولة مصدرة للطاقة الشمسية، حيث تمتلك أطلس لأشعة الشمس والرياح، ومعروف مسبقا الأماكن التى سيتم تخصيصها لمحطات طاقة شمسية ومحطات طاقة رياح. وطبقا لتكنولوجيا الطاقة الشمسية وتكنولوجيا طاقة الرياح المتوفرة حاليا، وطبقا للمواقع المحددة لهذه المحطات، تستطيع مصر إنتاج ما مقداره 90 جيجاوات من محطات الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح، مؤكدًا أن نصيب الطاقة الشمسية سيكون 55 جيجاوات، وهى كمية ضخمة من الطاقة، يمكن التصدير منها بسهولة. ويشير المهندس عبد المنعم نايل صاحب إحدى شركات الطاقة الشمسية، إلى أننا فى مصر نستورد نحو 86 % من المكونات الرئيسية للطاقة الشمسية نستوردها من الخارج رغم أننا أصبحنا فى عصر الطاقة ويجب على الدولة أن تكشف كل اسرار الألواح المستخدمة فى الطاقة المتجددة لكى تدخل مطابقة للمواصفات العالمية. وحول مراحل تركيب الطاقة الشمسية، يؤكد نايل أنها عبارة عن ثلاثة أنظمة الاول الغواطس البخارى التى تستخدم فى الرى إذ ترفع المياه الارتوازية من الآبار والثانى كهرباء الشمس فقط وتعمل من اول طلوع الاشعة وتستخدم نهارا فقط، وأما الثالث فهو نظام المقاصة وهو الكيلو مقابل كيلو ويحتاج إلى عداد متعدد الأوجه. وحول إمكانية استخدام الطاقة الشمسية فى المنازل وتكلفتها، يقول نايل إنه فى حالة استخدام ثلاجة وغسالة و20 لمبة ليد ومروحتين حوائط بدون استخدام شفاط وايضا استخدام شاشات وشواحن تتكلف المحطة 18 الف جنيه لمدة 25 عاما وتعمل المحطة بنسبة 80% فى الشتاء أما الصيف فتصل النسبة لـ 98%، متمنيا أن تدرس الدولة محطة نور بالمغرب والتى تستخدم مرايات تعكس الأشعة الحرارية مع ملح وماء وتعمل على احداث نسبة تبخير عالية وهذا يقوم بتشغيل توربينات لتوليد الكهرباء وتولد طاقة شمسية وطاقة شمسية حرارية ولدينا فى مصر الشمس لاتقارن بأى دولة أخرى كما أن لدينا كوادر صنعت محطات عالمية من الطاقة يجب الاستعانة بتجاربهم. أما الدكتور أيمن حمزة المتحدث الرسمى لوزارة الكهرباء والطاقة، فأكد أن مصر تتبع خطة استراتيجية لتعدد مصادر الطاقة سواء كانت مياه أو شمس أو كهرومائى بعيدا عن المصادر التقليدية وذلك على امل الوصول عام 2035 إلى 40 % من انتاج الطاقة المتجددة وقد كان من المقرر أن نصل عام 2023 إلى 20 % إلا أن هذا الرقم تحقق العام المنقضى 2021 وى عام 2035 سوف نصل بالانتاج إلى 10 آلاف ميجا بحيث تتحقق النسبة المقررة وفق الخطة الاستراتيجية التى تتبعها الدولة ويتم تحديث هذه الاستراتيجية اول باول حسب الاحتياجات وحاليا نحن نواصل الأبحاث والدراسات لعمل مشروعات تجريبية للطاقة النظيفة. واضاف حمزة قائلا: بعد أن كنا نعانى من نقص الكهرباء والانقطاع المستمر أصبح لدينا احتياطى يصل إلى 25 % لدينا خطوط ربط كهربائى بيننا وبين بعض الدول مثل الاردن والسودان ويتم تطوير خط السودان لانه يستوعب 80 ميجا رغم أن القدرة المقررة تصل إلى 300 ميجا. وتابع قائلًا: نقوم بتصدير الكهرباء لدول الجوار بمثل ليبيا والسودان والأردن بالإضافة إلى عمل خط ربط بسيناء وبين المملكة العربية السعودية لتوصيل الكهرباء إليها، فضلا عن توقيع مذكرات تفاهم لعمل خطوط ربط بين مصر وقبرص وبين مصر واليونان وبالتالى ربطنا بالشبكة الأوروبية وأوروبا تحتاج إلى الطاقة المتجددة. وحول إمكانية عمل شبكات طاقة شمسية فى المنازل لتخفيف الأعباء على المواطنين، أكد المتحدث الرسمى لوزارة الكهرباء أن الوزارة تشجع وتدعم هذا الأمر حيث يقوم الأفراد بعمل خلايا من الألواح فوق أسطح المنازل ويتم ربطها بالشبكة العامة من خلال عداد صافى القياس بنظام المقاصة. وأضاف أن المشكلة التى تواجه المواطنين هو ارتفاع أسعار الألواح خاصة وأن معظمها يستورد من الخارج وان كان السعر قد انخفض كثيرا بسبب وجود مصنع الإنتاج الحربي. في السياق نفسه، ترى الدكتورة هدى الملاح الخبير الاقتصادي، أن الطاقة المتجددة تعد احد التحديات التى يواجها العالم بوضع عام وأحد القطاعات المهمة التى تسعى مصر لتنميتها بوجه خاص لما لها من دور كبير فى الحفاظ على البيئة من التلوث وبالتالى تكون صديقة للبيئة فالحصول على خدمات الطاقة الحديثة المستدامة يقضى على الفقر وذلك لانخفاض تكلفتها لانها تعتمد فى انتاجها على الموارد الطبيعية التلقائية كالرياح والهواء والشمس وطاقة أمواج المد والجزر وطاقة المساقط المائية والطاقة الناتجة من الفروق فى درجات الحرارة فى أعماق المحيطات والبحار فهى طاقة لا يكون مصدرها مخزون أو ثابت ومحدود فى الطبيعة وتتجدد بصفة دورية اسرع من وتيرة استهلاكها ولذلك فهى طاقة نظيفة صديقة للبيئة وتساعد على خلق فرص عمل جديدة للأفراد وينتج عن ذلك انخفاض فى معدل البطالة، مشيرا إلى أن هذه الطاقة يسهل استخدامها بالاعتماد على تقنيات وأليات بسيطة وتمتاز بأنها طاقة اقتصادية جدا وتستخدم تقنيات غير معقدة يمكن تصنيعها محليا. وأضافت الملاح أن مصر بدأت تخطو خطوات ثابتة نحو عالم الطاقة بدأتها بمحطة بنبان باسوان وهو المشروع الأكبر من نوعه فى العالم إذ يقام على مساحة 37 كيلو مترا مربعا ويحتوى على 32 محطة شمسية تقوم بتوليد 1465 ميجاوات بما يعادل 90% من طاقة السد العالي. وفي الختام، أكد الدكتور محمد الخياط رئيس هيئة الطاقة المتجددة، أن التوسع فى الاستفادة من الطاقة المتجددة يتوقف على مدى توفر المصادر الخاصة بالطاقة، وقد نجحت الدولة فى عمل تحالفات واتفاقيات بنحو مليارى ونصف المليار دولار، مع شركات ومستثمرين اجانب ومصريين فى هذا المجال  

العودة الى الأخبار