تفاصيل الخبر
الخطر القادم .. ردة مناخية تهدد العالم
التاريخ : 5 / 11 / 2022
لطالما شكل التغير المناخى تحدياً كبيراً للبشرية، وفى الصيف الماضى ضربت العديد من موجات الحرارة الشرسة الكثير من الدول الأوروبية وتسببت فى حدوث حالات وفيات كثيرة وضرب الجفاف العديد من المناطق. وبينما يكافح العالم للوقوف بوجه ذلك التحدى الخطير، اشتعلت الحرب فى أوكرانيا، وتلاها سلسلة من العقوبات الغربية على روسيا عرقلت جهود مكافحة ظاهرة تغير المناخ.


وفى ذروة التوترات الجيوسياسية التى خلفتها الحرب، بموازاة اضطراب أسواق الطاقة، انقلبت الموازين فيما يخص التحركات الدولية لمواجهة أزمة التغيير المناخى. فالأزمة هنا أن مواجهة ظاهرة التغير المناخى تتطلب التعاون الوثيق بين دول العالم وهو أمر غاية فى الصعوبة مع زيادة حدة الاستقطاب. وبحسب علماء بارزين، فإن الأزمة المناخية وصلت إلى «لحظة قاتمة»، ولتجنب الكارثة يتأتى على العالم العمل جماعياً أكثر من أى وقت مضى لتجنب نقاط التحول المناخية. وفى أحدث تقاريرها، تدق وكالة الطاقة الدولية ناقوس الخطر. وتؤكد أن العالم سيبلغ ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة فى 2025 بسبب الحرب عند 37 مليار طن، ثم تنخفض إلى 32 مليار طن عام 2050 وهى مدة طويلة نسبياً سيعانى البشر من تبعاتها. ويقول المدير التنفيذى للوكالة فاتح بيرول أن التغيرات التى لمست أسواق الطاقة سيكون لها تأثير كبير ليس فقط للوقت الراهن، بل أيضا لعقود مقبلة. ففى بداية الأزمة بين الغرب وموسكو، وبعد سلسلة العقوبات التى استهدفت قطاع الطاقة، كانت هناك خطط وتعهدات كثيرة بالتوجه نحو التخلص من مرحلة الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية بالتزامن مع مراعاة الأهداف المناخية، إلا أنه ومع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة فى أوروبا يبدو أن هناك تحول كبير نحو الاعتماد على الفحم وهو البديل الأرخص سعراً ولا تحتكره روسيا، على الرغم من حقيقة أن احتراقه يزيد معدلات الاحتباس الحرارى بشكل كبير. ويجادل المتخصصون أنه إذا تم التعامل مع أزمة الطاقة التى سببتها الحرب فى أوكرانيا بشكل صحيح، فينبغى أن تكون فرصة لتسريع التحول الأخضر، لأن الحل طويل الأجل لا يمكن أن يكون سوى توسيع مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، ولكن مدفوعة بإلحاح التضخم والحرارة المتدنية، لا تزال البلدان تبحث عن حلول فى مجال الطاقة الأحفورية وهو ما يهدد الهدف المعلن المتمثل فى قصر الاحترار العالمى على 1.5 درجة مئوية وفقًا لاتفاقية باريس أو كوب 21. أمر آخر لا يقل أهمية عن مسألة حرب الطاقة، وهو مسألة انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن العمليات العسكرية، وفى وقت لا توجد فيه احصائيات رسمية عن التداعيات المناخية الناتجة عن تحرك آلاف القطع الحربية خلال الحرب التى دخلت شهرها التاسع، غير أننا ندرك أن هذه المسألة سيكون لها تأثيرات كبيرة،خاصة إذ عرفنا أنه وبحسب تقديرات جامعة براون الأمريكية فقد تسببت العمليات العسكرية الأمريكية فى انبعاث 1.2 مليار طن مترى من غازات الاحتباس الحرارى منذ غزو أفغانستان عام 2001 حتى عام 2018. وهو ما يعادل الانبعاثات السنوية لـ 257 مليون سيارة. الحرب الروسية الأوكرانية لم تجلب فقط الموت والدمار لأوكرانيا وإنما ألقت بظلالها على العالم. ونأمل فى أن يساعد مؤتمر كوب 27 فى شرم الشيخ فى وضع خطط جديدة والتوصل إلى توافق فى الآراء بشأن العمل المناخى العالمى المتجدد فى أعقاب جائحة كوفيد -19 والحرب.

العودة الى الأخبار