لم تأت استضافة مصر للقمة الدولية للمناخ صدفة.. ولكن نتاج ومحصلة جهود جبارة.. وتضحيات عزيزة وعمل وصبر وإصلاح حقيقي.. فشتان الفارق بين مصر التى كانت تعيش فى الفوضى والدمار والانهيار والتراجع منذ يناير ١١٠٢م وحتى زوال حكم الإخوان المجرمين.. وبين ما تعيشه الآن من بناء وتنمية وأمن واستقرار ومكانة مرموقة إقليمياً ودولياً.. وبعد أن كان العالم ينظر إليها باحباط.. جاء إليها ٧٩١ دولة تشارك فى القمة الدولية للمناخ ليروا على أرض الواقع عبقرية «الجمهورية الجديدة».. وقدرة الإنسان المصرى على الإبداع والابهار والتنظيم لأكبر الفعاليات والأحداث العالمية.
واقع يهزم الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه.. القمة الدولية للمناخ فرصة ثمينة للترويج لـ«الجمهورية الحديدة» لتطلق رسالة سلام من مصر تؤكد حرصها على الحفاظ وبناء الإنسان وأيضا جدارتها فى المكانة المستحقة، فرصة لتحقيق عوائد ومكاسب على كافة الأصعدة، فرصة ثمينة لقطع ألسنة الكذب.. ودحر أحاديث الإفك.. فالفخر والاعتزاز هو حال المصريين.. فما يحدث فى شرم الشيخ هو نتاج جهودهم ووعيهم واصطفافهم والتفافهم حول قيادتهم.
فى طريقى إلى مطار القاهرة استعداداً للسفر إلى مدينة شرم الشيخ لحضور فعاليات قمة المناخ التى تستضفيها مصر حيث يتجمع على أرض مدينة السلام المصرية ٧٩١ دولة.. لمناقشة ووضع رؤية وخارطة طريق للخروج من نفق هذا التحدى الذى بات يشكل خطورة بالغة على مستقبل العالم.. قفزت إلى رأسى أفكار كثيرة متداخلة، وتساؤلات كثيرة فأنا أسير فى الطريق فى السادسة صباحاً مفعماً بالثقة والفرحة والفخر..فهذا البلد الأمين قبل ٣١ عاماً تقريباً وتحديداً فى ظل أحداث يناير ١١٠٢م كان المشهد كارثياً محبطاً.. تخيم على مصر الفوضى والانفلات والحطام، وشوارع يسكنها الفزع والخوف والرعب على مستقبل مصر، وهواجس الضياع تقض مضاجع الشرفاء، كنا نسيرفى حواجز وتحويلات مرورية وكتل خرسانية أو مظاهرات فئوية واحتجاجات هنا وهناك.. أو نمر على لجان شعبية تثير التساؤلات والغموض فهذا يحمل سنجة، وآخر سيفاً، وكل أنواع السلاح الأبيض فى بلد غابت فيه كثير من مؤسسات الدولة، وعاثت فيه الفوضى والمزايدات.
ربما استدعت ذاكرتى هذه المشاهد لسببين، الأول حملات التشكيك والتشويه والتحريض على مصر لاستعادة هذه المشاهد المأساوية والكارثية لا قدر الله ولكن استمرار هذه المشاهد فى العقل الجمعى للمصريين من دمار وخراب وفوضي، وغياب للدولة لا مناص أنه حفر الدرس فى الوجدان والعقل المصري، وقرر المصريون عدم السماح لهذه المشاهد أن تتكرر مرة أخري، ولن يسمحوا لقوى الشر والخيانة والإرهاب والتآمر على مصر أن يمارسوا الفراغ وتزييف الوعي.
والسبب الثانى هو المقارنة بين مشاهد أحداث أو مؤامرة يناير من فوضى وانهيار ورعب وخوف وضياع، ومقارنة مصر الآن وعلى مدار ٨ سنوات حيث استعادت الدولة المصرية قوتها وقدرتها وأمنها واستقرارها ووعى شعبها وانتصرت على الفوضى والإرهاب والمؤامرات، واستردت ريادتها وثقلها ومكانتها الإقليمية والدولية، ونجحت فى البناء والتنمية والإصلاح، بعد أن تراجعت قبل وبعد أحداث يناير وحتى زوال حكم الإخوان الفاشي.
مصدر فخرى وفرحتى وأنا ذاهب إلى مدينة شرم الشيخ لحضور فعاليات قمة المناخ العالمى (كوب ـ ٧٢) التى تستضيفها مصر جعلنى أقول فى نفسى يا الله، لك الحمد كما ترضي.
هذه مصر التى بفضل عناية الله ثم شرفاء الوطن من أبطال جيش مصر العظيم، وقائدها الشريف عبدالفتاح السيسي، تقف الآن صلبة شامخة وتستضيف هذا الحدث العالمى الذى تشارك فيه ٧٩١دولة يمثلون دول العالم ليجسد مكانتها التى وصلت إليها لتكون محط أنظار العالم نعم هى مصر المحفوظة بأمر ربها ثم جهود وتضحيات وجهود ورؤى أبنائها الشرفاء، ما أعظمها من نعمة، هى نعمة الوطن هى نعمة مصر، العالم يأتى إليها من كل حدب وصوب قاصداً أو طامعاً فى رؤية مصر لإزالة المخاوف والكوارث التى تحدق بالعالم نتيجة التمادى والافراط فى ممارسات وسلوكيات جاءت من الدول الصناعية الكبرى وتسببت فى زيادة الانبعاثات الغازية التى تشكل خطورة بالغة فى ظل ارتفاعات غير مسبوقة لدرجات الحرارة، أدت إلى وقوع كوارث مثل حرائق الغابات وجفاف الأنهار ونفوق الحيوانات، وغيرها من التحديات البيئية التى تعد تهديداً على كافة مناحى الحياة سواء الأمن الغذائى والمائي، وهو الأمر الذى يستدعى استشعار العالم للمسئولية والتوقف عن مسببات ارتفاع درجات الحرارة والبحث عن مصادر جديدة للطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الاحفورى «مثل البترول والفحم».. وهو ما يفرض الاعتماد على مصادر الطاقة من «الشمس والرياح والمياه والتوسعات فى انتاج الهيدروجين الأخضر» وأيضا التوسع فى المشروعات الخضراء التى تعتمد على مصادر الطاقة النظيفة، وتلتزم بالمواصفات والمعايير البيئية وهو ما يؤدى إلى خفض أو القضاء على الانبعاثات.
هنا شرم الشيخ، مدينة السحر والجمال، المدينة الخضراء، مدينة السلام واحدة من أجمل مدن العالم، زيارتها فى تلك الفترة تختلف عن كل الزيارات السابقة هى لمسات عبقرية، ومشاهد بديعة وروعة فى التجهيزات والاستعدادات لانطلاق قمة المناخ العالمية (كوب ــ ٧٢) كل شيء يمضى بحساب، تتزين المدينة فى أبهى ثياب لتشكل صورة مصر الحديثة، القادرة على تنظيم مثل هذه الأحداث العالمية، لم تترك مصر أى صغيرة وكبيرة فى المدينة البديعة.. الشوارع اتسعت ليكون كل اتجاه أكثر من ٥ و٦ حارات ــ الخضرة والزهور فى استقبال ضيوف مصر.. إلمام كامل وفهم عميق لمتطلبات مثل هذه المحافل والأحداث والقمم العالمية.. فمصر لا تستضيف قمة إقليمية أو قارية ولكنها قمة العالم، جاء المشاركون من كل دولهم من كل حدب وصوب تلك هى روعة وعظمة الدولة الحديثة، وتنامى قدراتها ومكانتها ليحق لكل مواطن مصرى أن يفخر بما حققته مصر فى ٨ سنوات.. توجت بمكانة عالمية ودولية مرموقة، وقدرة على قيادة العالم نحو الأمن والاستقرار المناخي.
استضافة مصر لقمة العالم للمناخ (كوب ــ ٧٢) هى محصلة ملحمة وجهود وبناء واصلاح حقيقى لولاه ما وصلنا إلى هذه الثقة والمكانة المرموقة، فقد تحدثت على مدار ٣١ مقالاً عن أهمية الإصلاح، وكيف قاد الرئيس عبدالفتاح السيسى ملحمة البناء والتنمية ونجح فى عبور التحديات والأزمات التى شكلت أهم مكونات الأزمة العميقة فى مصر على مدار ٠٥ عاماً لذلك أصبحت النتيجة الطبيعية لهذه الملحمة التى تجرى فى مصر على مدار ٨ سنوات وتبرز أهمية الاصلاح لأزمات وتحديات الماضي.. ولذلك فإن استضافة مصر لقمة المناخ العالمية هى تتويج مستحق وتجسيد حقيقى لما وصلت إليه الدولة المصرية وكان لها أن تحصد نتائج أكثر لولا تداعيات الأزمات العالمية العنيفة مثل «كورونا» والحرب الروسية ــ الأوكرانية.
أريد من المواطن المصرى الشريف والذكى أن يقارن بين مشهدين مهمين للغاية، المشهد الأول انطلق من يناير ١١٠٢م وحتى رحيل حكم الإخوان المجرمين ثم ما تبعه من إجرام وإرهاب مارسته الجماعة الضالة فى حق مصر فوضى وخراب وغياب للأمن والاستقرار وتراجع دولى وإقليمي، وتقزم لدور مصر وزيادة معدلات الاطماع والمؤامرات عليها وانهيار اقتصادى وهروب للاستثمار والسياحة حتى باتت صورة مصر لدى العالم تشير إلى أنها دولة اقرب إلى الفشل والاضطرابات وعدم الاستقرار.
المشهد الثانى ما وصلت إليه مصر فى عهد الرئيس السيسى دولة يشار لها بالبنان يحترمها العالم ويقدرها العالم ويثق فيها ويعول عليها فى قيادة المنطقة وإحداث التوازن فيها، دولة لديها تجربة ملهمة سواء فى دحر الإرهاب أو تجربة البناء والتنمية، دولة تمتلك أدواتها وعناصر قوتها وقدرتها وتحظى بالعديد من الفرص الاقتصادية وقطعت شوطاً كبيراً فى مجال التصدى لقضايا وتداعيات التغير المناخى فى العالم وحققت انجازات كبيرة وهائلة وغير مسبوقة فى مجال الطاقة عموماً، وأيضا فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والنظيفة.. سواء من الشمس أو الرياح أو المياه ولديها مستقبل عالمى واعد فى مجال الهيدروجين الأخضر، وتحظى باستثمارات واعدة من كبريات الشركات العالمية سواء النرويجية أو الهندية والاسترالية والبريطانية والسعودية وقد تم توقيع ٦١ مذكرة تفاهم لمشروعات داخل المنطقة الصناعية فى العين السخنة ومنطقة شرق بورسعيد لاقامة منشآت وتجمعات صناعية لانتاج الوقود الأخضر واستخدامه فى تموين السفن أو التصدير للأسواق الخارجية باستثمارات متوقعة أكثر من ٠٢ مليار دولار.
فارق كبير بين الفوضى والهدم.. وبين الاستقرار والإصلاح والبناء.. فلم تكن مصر فى ١١٠٢م وبعد أن هبت عواصف الربيع العربى المشئوم موجودة على خريطة المستقبل، نالت منها المؤامرة وتكالبت عليها قوى الشر فى العالم، الذى جاء الآن إلى مصر حيث شرم الشيخ ليتأكد أن مصر لا تنكسر ولا تسقط أبداً.