ما هو الهيدروجين الأخضر؟ وما هى كيفية وإمكانية انتاجه؟ وما هى استخداماته؟ هو ما نجيب عنه فى هذا التحقيق.

فى البداية يوضح الدكتور مجدى علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، أن الاقتصاد الأخضر هو الاقتصاد الصديق للبيئة، حيث لا يتم أخذ أو إضافة شيء للبيئة، لكن يتم استخدام الوقود الحيوى الذى لا يسبب أى تلوث بيئي. ولذا زاد الاعتماد على الوقود الأخضر مثل الهيدروجين حتى يقل التلوث، لأنه وقود نظيف، نسبة الكربون والكبريت فيه قليلة جدا ولا يترك فى البيئة أكاسيد الكربون والنيتروجين المسببة للاحتباس الحرارى التى يتركها استخدام الفحم والبترول، فهناك ست غازات تؤدى للاحتباس الحراراى وتغلق الغلاف الجوى للأرض لمدة 200سنة وقد يستمر الكربون فى الجو إلى عشرة آلاف سنة، كما أن المخزون الحالى من البترول أصبح محدودا لا يكفى إلا لأربعين سنة مقبلة، مما يستلزم سرعة إيجاد بدائل له.

ويضيف «علام» ولكى يتم إنتاج الهيدروجين نحتاج إلى شركات كبيرة متخصصة فى هذا الشأن وبالفعل يتم التعاون مع ثلاث شركات، وسيتم إنشاء محطة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس شرق القناة كموقع استراتيجى على خطوط التجارة العالمية.

الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، خبير الاقتصاد والتنمية المستدامة وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، يقول: لقد شهد العالم فى الآونة الأخيرة تقلبات حادة وكبيرة فى سوق الطاقة العالمى بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالى تتسابق الدول مع بعضها بعضا فى البحث عن وقود مختلف عن الوقود الأحفورى الذى يلوث البيئة، ويتوافر بسهولة وهو الهيدروجين الأخضر، وهو وقود خالٍ من الكربون، ينتج عبر التحليل الكهربائى للماء إلى عنصريَ الهيدروجين والأكسجين، بواسطة كهرباء تُولَّد من مصادر طاقة متجددة؛ كطاقة الرياح والطاقة الشمسية لفصل جزيئات الأكسجين عن الهيدروجين فى الماء، ثم استخدام الهيدروجين الناتج مباشرةً.ويعتمد إنتاجه على المياه العذبة أو مياه البحر بعد تحليتها، وهو يحل مشكلة كبيرة كانت تواجه الطاقة المتجددة كطاقتى الشمس والرياح، حيث يعتبر إنتاجه بواسطتهما نوعًا من التخزين.

استخدامات عديدة

وتابع «شوقى»: من مميزات الهيدروجين الأخضر أنه يمكن استخدامه فى كلٍ من الحالة السائلة والغازية، وتحويله إلى وقود أو كهرباء، وإنتاجه ونقله فى أى مكان، وتخزينه لفترات طويلة، إذ يُمكن تخزينه فى خطوط أنابيب الغاز الموجودة حاليا لتزويد المنازل بالطاقة، وخلوه من الانبعاثات.ويُمكن تشغيل أى شيء يستخدم الكهرباء بواسطة الهيدروجين الأخضر عند استخدامه مع خلايا الوقود التى لا تحتاج إلى إعادة شحن، واستعماله كبديل عن الطاقات الملوثة المستعملة فى بعض الصناعات، مثل تكرير البترول وإنتاج الفولاذ.

وأضاف: من أبرز استخداماته كوقود، يبدأ من سفن الفضاء مرورا بالسيارات والقطارات حتى الطائرات، وكذلك فى محطات توليد الكهرباء، يُستخدم كمصدر للوقود مباشرة أو حاملًا للطاقة عبر تطبيقات خلايا الوقود، وأيضا كوقود للتوربينات مباشرة -وهى عملية متاحة فى الوقت الحالى تجاريا، لكنها تعتمد على استخدام خليط الهيدروجين مع الغاز الطبيعي- كما يمكن استخدام الأمونيا المنتجة من الهيدروجين فى عمليات توليد الكهرباء المشتركة عبر المحطات العاملة بالفحم، ويمكن استخدامه كمادة خام فى صناعة السماد والمواد الكيميائية والتكرير، أو لتوفير الحرارة فى الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل صناعة الصلب. ويستحوذ قطاع تكرير النفط وصناعة الأمونيا على الهيدروجين، وأيضا قطاع النقل وبعض الصناعات مثل صناعة الزجاج والإلكترونيات.

وعن تكلفة الإنتاج يقول د.إسلام جمال الدين شوقي: لاتزال مرتفعة جدًا لاعتماده فى الإنتاج على الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة، ولكن مع مرور الوقت ومع الطلب الكبير عليه سيتم تدارك التكلفة من خلال البحث العلمى بابتكار طرق مختلفة لعملية الإنتاج، وفيما يخص العائد من استخدامه على المستوى المحلى يعتبر أحد الحلول المرنة لاستخدامه كوقود نظيف يوازن بين مصادر الطاقة المتجددة الأخرى فى توليد الكهرباء وتوفير الطاقة المنخفضة الكربون لمسافات طويلة جدا، كما يمكن استخدامه فى تخزين الكهرباء لمواجهة الاختلالات فى جانبى العرض والطلب.

الطاقة الشمسية

الدكتور السيد صبري، استشارى التغيرات المناخية والتنمية المستدامة، ومستشار وزير البيئة لتغيرات المناخ سابقا.

يقول: فى مصر أراض صحراوية شاسعة وسطوع شمسى لفترات طويلة، وهو ما يمكنها من فرد الخلايا الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربية النظيفة اللازمة لانتاج الهيدروجين الأخضر.كما تحتاج إلى آلات ومعدات تكنولوجية، فهو استثمار مكلف لكنه سهل ويكون أرخص فى المستقبل، خاصة أنه ليس لدينا احتياطى كبير من البترول والغاز ومن الأفضل تحويلهما إلى الصناعات البتروكيماوية بدلا من حرقهما فى الطاقة.

ويمثل الهيدروجين وقودا نظيفا، يمكن استخدامه فى وسائل النقل كالأتوبيسات والطائرات والسفن، فيسبب نقلة نوعية فى تقليل الانبعاثات، وقد أصبح استخدامه فى أسرع وقت ضرورة ملحة ليحل محل الوقود الأحفوري.