تفاصيل الخبر
شرق بورسعيد .. قاطرة للنمو الاقتصادي - رئيس المنطقة الاقتصادية للقناة : طفرة في المشروعات الاستثمارية والصناعية
التاريخ : 12 / 1 / 2023
رغم الأزمات التى تعانى منها اقتصاديات الدول فإن الحكومة تسعى جاهدة لتفعيل الاستثمارات فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لزيادة مواردها من النقد الأجنبى بجذب كبريات الشركات العالمية المتخصصة فى صناعات السيارات واللوجستيات الحديثة لزيادة الناتج القومى الإجمالى، خاصة أن هذه المنطقة ملتقى لسلاسل الإمداد العالمية.


 بداية يوضح وليد جمال الدين ـ رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أن منطقة شرق بورسعيد المتكاملة التابعة للمنطقة الاقتصادية تتكون من ميناء شرق بورسعيد المحورى الذى يعتبر من أهم موانى البحر المتوسط لموقعه المتميز على المدخل الشمالى لقناة السويس التى يمر بها حوالى 12% من حجم التجارة العالمية، بما يمثل نحو 18 ألف سفينة سنويًّا من خطوط التجارة، ويحتوى الميناء على أرصفة حاويات بطول 7.4كم وغاطس 18مترا، وتم تصنيف الميناء فى المركز الـ15 عالميًّا، وفق مؤشر أداء محطات الحاويات الذى يصدره البنك الدولى لعام 2021، وذلك عقب عامين فقط من قرار الرئيس السيسى بدء تشغيل أرصفة الميناء الجديدة، تحديدا في27 نوفمبر2019، وتلا ذلك تطوير وتوسيع الميناء البحرى من خلال إنشاء أرصفة جديدة بعمق 18مترا لزيادة قدرتها الإجمالية وخدمة الجيل القادم من السفن التجارية الضخمة.

ويضيف أن منطقة شرق بورسعيد المتكاملة تعد أيضا من المناطق الصناعية المهمة التى تتميز بموقعها الاستراتيجى شمال قناة السويس على الطريق البحرى الدولى، والذى يمر من خلاله 20٪ من تجارة الحاويات الدولية المحملة بأكثر من مليار طن من البضائع سنويا، وهى منطقة مدعومة بمشاريع ومرافق بنية تحتية ضخمة، وتقدر المساحة الاستثمارية بالمنطقة الصناعية بـ 69.3 كيلومتر مربع، حيث يحتل المشروع موقعا استراتيجيا على الضفة الشرقية لقناة السويس، كما انعكست مشروعات الأنفاق الستة أسفل قناة السويس على التكامل المنشود بين ضفتى القناة، وسلاسة انتقال البضائع والأفراد، وتتصل المنطقة الصناعية بـمناطق لوجستية على مساحة 24كم، ولإعداد المنطقة لاستقبال كل أنواع الصناعات الإستراتيجية وضعت بنية تحتية من المرافق العامة على أحدث مستوى. خاصة فى ميناءى العين السخنة والعريش، حيث تسعى المنطقة لتوطين ١٩ قطاعا صناعيا وخدميا بأحدث التقنيات على مستوى العالم، ومتابعة آخر التطورات الخاصة بأعمال وادى التكنولوجيا والقنطرة غرب، حيث تستهدف المنطقتان توطين مشروعات صناعية عملاقة.

وتستهدف الهيئة عددا من الصناعات المتخصصة التى تتلاءم وطبيعة القطاعات الصناعية هناك وعلى رأسها تموين السفن، وتجميع وصناعة السيارات والمقطورات وقطع الغيار، ودعم خدمات النقل، والنقل المائى والخدمات البحرية، وصب المعادن، اللوجستيات، وصناعة عربات السكك الحديدية، والغزل والنسيج، ومواد البناء، بالإضافة لمشروعات الطاقة الخضراء التى تستخدم الطاقة النظيفة، وقد تمت الموافقة على ١٦ اتفاقا ومذكرة تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة النظيفة بعد أن كشفت الدراسات والأبحاث العالمية أن مصر ـ بما يتوافر لها من مصادر للطاقة النظيفة ومياه البحرين الأحمر والمتوسط وكل عناصر هذه الصناعة ـ ستصبح مركزا عالميا لإنتاج الوقود الأخضر الذى يجعل الصناعة المصرية تنافس فى الأسواق العالمية.

وقد قامت إحدى الشركات النرويجية بإجراء دراسات على 7 دول إفريقية، وجاءت مصر فى صدارة الدول المؤهلة لتصنيع الهيدروجين الأخضر، وقامت الشركة بإبرام اتفاق عمل مع الجهات المعنية.

ويضيف جمال الدين أن المطور الصناعى الرائد «شرق بورسعيد للتنمية المتكاملة EP» على مساحة 16كم من أبرز المطورين الصناعيين، ويبلغ عدد العمالة المتوقعة بنطاق مشروعات الشركة 400 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، والتحالف العالمى لدحرجة السيارات باستثمارات ١٦٠ مليون دولار، علاوة على تحالف آخر فى مجال الصب الجاف للحبوب والغلال بتكلفة استثمارية ٢٫٢ مليار جنيه.

وهناك مشروعات استثمارية تمت الموافقة على إنشائها وجار تأسيسها على رأسها مشروع الشركة الوطنية المصرية لصناعات السكك الحديدية «نيرك»: هى شركة تم تأسيسها من مجموعة من شركات القطاع الخاص الوطنى والحكومة متمثلة فى المنطقة الاقتصادية والصندوق السيادى، باستثمارات 240 مليون دولار، على مساحة 318.6 ألف متر، تهدف إلى توطين صناعة عربات السكك الحديدية والوصول بالمكون المحلى إلى 45% بطاقة إنتاجية للمشروع 300 عربة سكك حديدية سنويًّا، ويسهم فى توفير 2000 فرصة عمل.

وتوقيع مذكرة تفاهم لتوطين صناعة السيارات والصناعات المغذية لها فى المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد لتصنيع 75 ألف مركبة سنويا كمرحلة أولى، وإقامة مجمع تصنيع السيارات المشترك EPAZ، والموقعة بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية وصندوق مصر السيادي، وشركة شرق بورسعيد للتنمية والشركة المصرية العالمية للسيارات.

كما وقعت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس وصندوق مصر السيادى والشركة الوطنية لنقل وتوزيع الكهرباء وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ـ مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات الألمانية المتخصصة فى تخزين الطاقة، لإنشاء أول محطة لتحويل المخلفات إلى هيدروجين أخضر، بطاقة إنتاجية للمحطة 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويا الناتج من تحويل 4 ملايين طن مخلفات باستثمارات تبلغ نحو 4 مليارات دولار بشرق بورسعيد، كما تمت الموافقة على إقامة توسعات لمحطة قناة السويس لتداول الحاويات باستثمارات تراكمية تقدر بـ ٥٠٠ مليون دولار.

جوهرة عالمية

يؤكد اللواء حاتم القاضى رئيس اتحاد الغرف الملاحية العربية أن المنطقة الاقتصادية بقناة السويس «جوهر» تتفرد بمميزات لا تتوافر لأى منطقة منافسة، لذا يجب إسناد تسويق هذه المنطقة إلى كبريات الشركات العالمية المتخصصة فى التسويق، على أن نستعين فى عقود الاستحواذ وحق الانتفاع بمكاتب استشارية عالمية متخصصة فى هذه المجالات.

ويضيف أن المنطقة يمكن أن تجذب مشروعات ضخمة فى مجال الاقتصاد الأخضر، لأن السفن كلها ستعمل بالطاقة النظيفة بحلول عام ٢٠٣٠، وقد وقعت مصر مع جهات استثمارية عديدة وحكومية مذكرات تفاهم لإنشاء مشروعات ترتبط بالهيدروجين الأخضر.

سلاسل الإمداد العالمية

ويقول د. محمد على إبراهيم عميد كلية النقل البحرى السابق بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وأستاذ اقتصاديات النقل واللوجستيات: إن مساحة «شرق بورسعيد» ٧١ كيلو مترا مربعا، أما مدينة بورسعيد فمساحتها ٥٥ كيلو مترا مربعا. واعتمد مجلس الوزراء مخططا استثماريا لشرق بورسعيد عام ٢٠٠٩ ليكون قاطرة نمو، وبالفعل تم عمل البنية التحتية والأساسية، وتمثلت فى تطوير موانى الطور وبورفؤاد والعريش، ومطلوب التواصل فى تفعيل هذه المنظومة، لذا يجب إدخال منطقة سيناء فى منظومة مراكز اللوجستيات والصناعة والخدمات، مع إعادة النظر فى الحوافز الممنوحة للمنطقة الاقتصادية الخاصة لقناة السويس فيما يتعلق بالمعاملة الجمركية والضريبية، وأن تسعى الحكومة من الآن لإعداد مراكز لتدريب مايقرب من مليون شاب تستوعبهم هذه المنطقة فى أعمال وخبرات تتسم بالعالمية مع توطينهم فى إقليم القناة.

كما يجب  أن تنسق المنطقة الاقتصادية مع المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة للدول العربية المجاورة فى المزايا التى تمنحها للصناعات التى تتنافس بها عالمياً حتى لايصب ذلك فى مصلحة الدول المنافسة.

 أما المستشار حسن عمر الخبير فى العقود والقانون الدولى وصاحب الملكية الفكرية لمشروع شرق التفريعة (حاليا شرق بور سعيد) فيقول: تم إنشاء شرق بورسعيد كمدينة اقتصادية على غرار سنغافورة ودبى ليكون هذا الميناء متعدد وسائط النقل، يحتوى على مطار دولى لخدمة التجارة، وربط القارات الثلاث لتجارة الترانزيت، وميناء بحريا عملاقا ومدينة سكنية ضخمة، ومنطقة صناعية عالمية، على أساس أن ميناء شرق التفريعة كان مخططا له أن يقام على مساحة ٢٤٠٠ كيلو متر مربع ليشمل بورسعيد وبورفؤاد وجزءا من سيناء يشمل بير العبد والفردان.

ويضيف عمر أن هذه المنطقة تنشط التجارة البينية مع الدول العربية، وترفعها من ٨% إلى٧٠% لتصبح شرق بورسعيد العاصمة الاقتصادية للعالم العربى، فإن هذه المنطقة الاقتصادية بمساحتها ومميزاتها يمكنها أن تصنع٥٠% من حجم التجارة العالمية التى تمر بالقناة، وحجمها ٦ مليارات دولار يوميا، لتحقق ناتجا قوميا ١٫٨ تريليون دولار سنويا، لأنها سوف تستخدم كمنطقة عالمية لإقامة صناعات عالمية متخصصة تجذب كبريات الشركات متعددة الجنسيات فى مجالات صناعات السيارات والتكنولوجيات المتقدمة واللوجستيات والسفن والحاويات، لتصبح مصر مركزا عالميا لسلاسل الإمداد إلى دول العالم، خاصة أن المنطقة الاقتصادية تتفرد بموقع ممتاز يتوسط بين القارات، لذا يجب تسريع وتيرة إنشاء المصانع والخدمات التى تحتاجها المنطقة، مثل مصانع الأغذية لإمداد أطقم السفن بالمأكولات والمشروبات، وأخرى لصناعة قطع غيار السفن، وكافة أنواع الوقود للسفن خاصة الهيدروجين الأخضر، والمراكب ومخازن لوجيستية لكل أنواع البضائع، وشبكة للسكك الحديدية، وطريق برى إلى الدول العربية الخليجية وإلى افريقيا.

كما أن تحويل المنطقة ـ التى تأخر استغلالها أكثر من ٢٥ عاما، والتى تعد ٤ أضعاف حجم سنغافورة و٦ أضعاف حجم دبى ـ إلى مدينة عالمية تستوعب 2٫5 مليون فرصة عمل لمواطنين يجب توطينهم وأسرهم فيها، سيجعلها بحق العاصمة الاقتصادية للدول العربية.

المستهدفات وحقوق الانتفاع

ويطالب المهندس وائل قدورة عضو مجلس إدارة هيئة القناة ورئيس شركة ترسانة السويس الأسبق بتطبيق نظام الموانى (الديجيتال) كما هو معمول به فى معظم الموانى فى العالم، مشيرا إلى أن محور القناة يلعب دورا كبيرا فى مرور المراكب الكبرى التى تحمل الغاز المسال والوقود، وأن مصر يمكنها أن ترفع أسعار الرسوم لتزيد الحصيلة خاصة أن أسعار النفط والغاز تتصاعد نتيجة زيادة الإقبال على وقود الشرق الأوسط بعد قطع الغاز الروسى عن دول أوروبا.

ويضيف أن الحكومة يجب أن تجذب الشركات الكبرى للاستثمار فى المنطقة الاقتصادية، وتحدد هذه المستهدفات فى عقود حق الانتفاع، وتضع شروطا جزائية على هذه الشركات تصل إلى الفسخ والغرامات المالية الكبيرة إذا لم تلتزم بتنفيذها، موضحا أن المنافسة والإقدام من قبل الشركات العالمية على الاستثمار سيكون كبيرا، لكن يجب أن تكون المستهدفات محددة مسبقا على أن تتراوح مدة عقود حق الانتفاع مابين ٣٠ و ٤٩ عاما.

أما عادل اللمعى رئيس غرفة الملاحة البحرية ببورسعيد فيرى أن مجهودات الحكومة فى شرق بورسعيد شهدت نشاطا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة من خلال توقيع عدد من الاتفاقات مع عدد من الشركات العالمية وإنشاء ٥ كيلوات أرصفة، وتم إنجاز أكثر من ٨٠% من البنية الأساسية فى المنطقة، وتبذل الحكومة مجهودات كبيرة لجذب كبريات الشركات المتخصصة فى صناعة السيارات وصناعة الحاويات بما يسهم فى دعم الاقتصاد القومى.






العودة الى الأخبار