تفاصيل الخبر
مع بدء عمل برنامج تسريع تمويل المناخ : مصر وبريطانيا .. شراكة خضراء من أجل المستقبل
التاريخ : 6 / 2 / 2023
تتعدد وتتنوع أوجه التعاون والشراكة بين مصر وبريطانيا على مختلف الأصعدة، سواء الاقتصادية أو التجارية أو التعليمية، وبرز مؤخرا نموذج جديد لهذا التعاون خاصة مع استمرار الزخم المرتبط بقمة المناخ «كوب 27» ويتمثل فى الشراكة الخضراء بين البلدين، بمعنى دعم الأنشطة والمشروعات التى تتبنى مبدأ التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة،


تتعدد وتتنوع أوجه التعاون والشراكة بين مصر وبريطانيا على مختلف الأصعدة، سواء الاقتصادية أو التجارية أو التعليمية، وبرز مؤخرا نموذج جديد لهذا التعاون خاصة مع استمرار الزخم المرتبط بقمة المناخ «كوب 27» ويتمثل فى الشراكة الخضراء بين البلدين، بمعنى دعم الأنشطة والمشروعات التى تتبنى مبدأ التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وهو التعاون الذى بدأ قبل انعقاد قمة المناخ، ضمن برنامج تسريع تمويل المناخ، وقطع خطوات واسعة وصلت أخيرا إلى مرحلة إطلاق البرنامج أولى مجموعاته المكونة من تسعة مشروعات مناخية مبتكرة منخفضة الكربون من جميع أنحاء مصر، من المقرر أن تتلقى الدعم الفنى والمالى لتنفيذ أفكارها على أرض الواقع، لتمثل بذلك باكورة التعاون بين البلدين فى هذا الملف المهم.

ولكن قبل الحديث عن هذه المشروعات، التى تم اختيارها من بين 50 مشروعا تم تقديمها على مستوى الجمهورية، وتنوعت مجالاتهم بين قطاعات الطاقة المتجددة ومعالجة النفايات والاقتصاد الأزرق والزراعة والتصنيع، فإنه لابد من الإشارة أولا إلى أن برنامج تسريع تمويل المناخ، هو برنامج مساعدة فنية تبلغ قيمته 10٫8 مليون جنيه إسترلينى ممول من هيئة التمويل الدولى للمناخ، من خلال وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية التابعة لحكومة المملكة المتحدة، وهو مخصص لمساعدة المشروعات المنخفضة الكربون فى الوصول إلى التمويل الذى تحتاجه، ومصمم لتمكين الاستثمار فى الحلول المناخية الطموحة، بمعنى الاستجابة المباشرة للحاجة الملحة ولحجم الاحتياجات المناخية على أرض الواقع، وذلك من خلال دعم المشروعات المناخية الواعدة مثل مشروعات الطاقة النظيفة لتصبح أكثر جاذبية للمستثمرين، ومن ثم أكثر قابلية للحصول على تمويل، وهو ما يسهم فى النهاية فى إيجاد وظائف خضراء فى المستقبل.

ويعد البرنامج كذلك جزءا من جهود حكومة المملكة المتحدة لدعم مصر فى تحولها الأخضر، وتلبية الأولويات المنصوص عليها فى مساهمتها المحددة وطنيا بموجب اتفاقية باريس، ولمساعدتها فى التمويل الأخضر والتمويل المناخى خلال رئاستها لمؤتمر المناخ. كما يضمن كذلك أن تكون مشروعات تسريع تمويل المناخ فى أفضل وضع لجذب استثمارات الممولين المحليين والأجانب، ويعمل أيضا على دعم برنامج بناء القدرات للشركاء المحليين فى مجالات مثل التكنولوجيا النظيفة، ومزج التمويل الأخضر من مصادر التمويل العامة والخاصة، فضلا عن تقديم المشورة بشأن تعزيز المساواة بين الجنسين والدمج المجتمعى فى العمل المناخى، وهو برنامج ينفذ بالفعل فى ستة بلدان على مستوى العالم ويعمل عليه تحالف من خبراء تمويل المناخ.

من هنا كان اختيار البرنامج لتسعة مشروعات، حيث من المقرر أن تتلقى هذه المشروعات الدعم من مختلف الخبراء لتسريع تطوير مشاريعهم وتحسين فرصهم فى الحصول على التمويل الذى يحتاجونه. وهو بشكل عام يعد جزءا من جهود المملكة المتحدة لدعم العمل المناخى على نطاق عالمى، وتسهيل الوصول إلى التمويل ومساعدة الحكومات على تحقيق الأهداف المناخية بموجب اتفاقية باريس. وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا الإعلان الأخير سبقته تحركات نشطة من الجانب البريطانى واستجابة واسعة من الجانب المصرى، ولعل أبرز هذه التحركات تلك التى سبقت انعقاد مؤتمر المناخ، وتم خلالها توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة تنمية إفريقيا وهى مؤسسة غير ربحية مدعومة من الحكومة البريطانية والهيئة العامة للرقابة المالية، لدعم القطاع المالى فى مصر ليصبح أكثر استدامة.

ونصت هذه المذكرة على أن يعمل الجانبان بشكل مباشر مع شركات التأمين المحلية وصناديق المعاشات التقاعدية لدعم تكامل العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة فى إستراتيجيتهم وعملياتهم، فضلا عن إطلاق برنامج تسريع تمويل المناخ البريطانى فى مصر.

ومن المقرر أن تتلقى هذه المشروعات دعما مخصصا، بما فى ذلك مناقشات تقييم الاحتياجات الفردية والتحليلات من منظور مالى وتقنى لضمان وجودهم فى أفضل وضع لجذب الاستثمار، إلى جانب استفادة المجتمع منها من خلال الحد من التلوث، وتوفير فرص العمل، ودعم الأمن الغذائى والزراعى، والتقدم التكنولوجى، والحصول على الطاقة، والإدارة الفعالة للنفايات، والتصنيع المستدام، والمساواة بين الجنسين، وجهود الإدماج الاجتماعى. وتنص آلية العمل على أنه بعد جلسات بناء القدرات، ستتاح لهذه المشروعات الفائزة فرصة لقاء المستثمرين والمؤسسات المالية فى ورشة عمل من المقرر أن تعقد فى شهر أبريل القادم للسماح لمطورى المشروعات بالتواصل وإجراء مناقشات مع المؤسسات المالية المهتمة.

من هذا المنطلق كان حرص السفير البريطانى بالقاهرة جاريث بايلى على تأكيد أهمية دور قطاع الأعمال فى المساعدة على تحقيق النمو الأخضر، على أن تكون بلاده عاملا مساعدا فى مساعدة هذه المشروعات المبتكرة، كجزء من الشراكة الخضراء المستمرة بين البلدين.

كما كان حرص المسئولين عن هذا البرنامج على الإعراب عن حماسهم لهذه المشروعات والرغبة فى دعم طموحاتهم، وتسهيل التواصل بين مطورى المشروعات والممولين، وذلك انطلاقا من حقيقة واضحة، وهى أن مواجهة التغيرات المناخية تتطلب تعبئة موارد مالية ضخمة لتعزيز التكيف مع الآثار التى تترتب على هذا التغير.

وتنوعت هذا المشروعات ما بين:

ــ أولا: إنشاء مزارع للأعشاب البحرية على طول السواحل المصرية لإنتاج البلاستيك القابل للتحويل إلى سماد بنسبة 100%، وهو مطابق على نحو وثيق للبلاستيك المصنع من البترول الذى يمكن استخدامه كبديل للمنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، مثل الأكياس البلاستيكية.

ــ ثانيا: إنشاء صندوق القدرة على مواجهة المناخ، وهو صندوق بقيمة 25 مليون دولار أمريكى يستثمر فى مرحلة ما قبل التأسيس فى الزراعة المستدامة فى مصر.

وإقامة منشأة تصنع الألواح الشمسية الحرارية.

ــ ثالثا: استخدام الذكاء الاصطناعى لتسهيل الزراعة عن بعد لمراقبة المتغيرات البيئية للتحكم فى الرى أو التكامل مع بيانات الأقمار الاصطناعية لتقديم نظرة عامة مفصلة عن حالة المزرعة واحتياجاتها.

ــ رابعا: إنتاج الأزياء أوالملابس الخضراء، للترويج لنمط حياة مستدام وواعى بالبيئة من خلال تصميم وإنتاج ملابس ومنتجات تدعم المجتمعات المحلية.

ــ خامسا: إنشاء شركة لحلول الطاقة المتجددة بهدف تمكين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وتزويدهم بالدعم المالى والزراعى، من خلال قروض خاصة منخفضة الفائدة.

ــ سادسا:توفير الخبرات التشغيلية والزراعية، وإقامة أنظمة مراقبة وحلول فعالة لمراقبة جودة المياه والهواء والتربة من خلال أجهزة الاستشعار لمساعدة المزارعين على اتباع ممارسات أفضل لإدارة المزارع.

ــ سابعا: إقامة مصنع لإنتاج مواد بناء عالية الأداء وصديقة للبيئة من النفايات البلاستيكية باستخدام عملية تصنيع متطورة يمكنها إنتاج بلاط رصف أكثر مقاومة للماء، وأقوى من بدائل الأسمنت.

ــ أخيرا: إنشاء منصة زراعية رقمية تقدم حلولا زراعية دقيقة لمراقبة المحاصيل وإدارتها.

إن الإعلان عن إطلاق المرحلة الأولى لبرنامج تسريع تمويل المناخ، يؤكد أن الخطوات المتسارعة للشراكة والتعاون التى بدأت قبل مؤتمر المناخ، واستمرت بعده، جاءت تتويجا لعمل دءوب، وقناعة راسخة من الجانبين المصرى والبريطانى بأهمية الاستثمار فى هذا المجال الواعد، كما اعتبرت دليل ثقة من الجانب البريطانى فى أن مصر أصبحت الآن جزءا من هذا النهج المبتكر لمساعدة المشروعات المنخفضة الكربون فى تأمين الاستثمار، أخذا فى الاعتبار أن تمويل المناخ كان أحد المطالب الرئيسية لمؤتمر «كوب27»، جنبا إلى جنب مع المطالبة بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار، وهو ما تحقق بالفعل فى شرم الشيخ، الأمر الذى يعنى، كما أشار السفير البريطانى، فى وقت سابق، إلى أن إطلاق مثل هذا البرنامج فى مصر، يثبت أن مصر وبريطانيا ملتزمان بالأفعال لا بالأقوال، وأن الشراكة الخضراء المتنامية بين البلدين أصبحت حقيقة واقعة.

العودة الى الأخبار