ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وإغلاق القنصلية المصرية هناك لظروف الحرب، مرت سنوات طويلة قبل أن يتم افتتاح مقر السفارة اليابانية بالقاهرة عام 1952، ثم مقر للسفارة المصرية فى طوكيو عام 1953.
فى مقر سفارتنا فى اليابان، وتحديدا فى منطقة «ميجورو» بالعاصمة اليابانية، جلس محمد أبو بكر سفير مصر فى اليابان، بملامح مصرية نوبية مبتسمة لا تخطئها العين داخل مبنى السفارة الذى تزينه نماذج التماثيل الفرعونية الأنيقة ويعلوه علم مصر، متحدثا لـ»الأهرام» عن حاضر ومستقبل العلاقات المصرية اليابانية، مشيرا فى بداية حديثه إلى أن زيارة رئيس الوزراء اليابانى الأسبق شينزو آبى إلى مصر فى يناير 2015 كانت البداية الحقيقية لفصل جديد تماما فى العلاقات الثنائية بين البلدين، لأنها أكدت مساندة اليابان لجهود مصر وقتها لاستعادة الأمن والاستقرار وبناء الاقتصاد الوطنى، ثم جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لليابان فى فبراير 2016، لتؤكد النقلة النوعية فى العلاقات، فقد كانت أول زيارة رئاسية لليابان منذ أكثر من 16 عاما، وكان الرئيس السيسى هو أول رئيس عربى، وثانى رئيس إفريقى بعد نيلسون مانديلا، يلقى خطابا أمام البرلمان اليابانى «الدايت»، لتتعدد اللقاءات بعد ذلك، فقد شارك الرئيس فى قمة مجموعة العشرين بمدينة أوساكا اليابانية عام 2019، بوصفه رئيسا للاتحاد الإفريقى، وشارك فى قمة «التيكاد» فى أغسطس من العام نفسه فى يوكوهاما،ويقول السفير أبو بكر إن اليابان تتعاون مع مصر فى كثير من المشروعات الضخمة والمهمة، مثل إنشاء المتحف المصرى الكبير، والخط الرابع لمترو أنفاق القاهرة، فضلا عن الشراكة فى قطاع التعليم الأساسى، وفى جامعة التكنولوجيا، فضلا عن إنشاء محطة تداول السيارات بميناء شرق بورسعيد ومحطتى توليد الكهرباء من طاقة الرياح فى خليج السويس، وتوسعة مطار برج العرب الدولى، وتحسين نظام توزيع الكهرباء، والمبنى الملحق لمستشفى أبو الريش.
ويبدى اليابانيون اهتماما خاصا بمشروع المتحف الكبير، فيقول السفير أبو بكر إن اليابان ساهمت فى تمويل المشروع بقرض ميسر عام 2006، وتم ترميم 40 ألف قطعة أثرية من خلال مركز الترميم الذى تدعمه وكالة «جايكا» اليابانية، وذلك من إجمالى مائة ألف قطعة سيتم عرضها فى المتحف، ليعد بذلك أكبر متحف على مستوى العالم مخصص لحضارة واحدة، كما تقدم الجايكا أيضا الدعم الفنى للمتحف من خلال مشروعين: الأول بناء القدرات البشرية، والثانى من خلال مركز «جايس» JICE لدعم مركز ترميم القطع الأثرية المنفذ بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية. وعن التعاون فى مجال التعليم، يقول أبو بكر: «تم إطلاق مبادرة الشراكة المصرية اليابانية فى مجال التعليم خلال الزيارة الرئاسية لليابان عام 2016، وتشمل ثلاثة جوانب رئيسية: الأول هو تطبيق تظام التعليم الأساسى اليابانى المعروف بالتوكاسو فى عدد من المدارس المصرية اليابانية، والثانى زيادة عدد المنح الدراسية والتدريبية اليابانية للدارسين والكوادر الحكومية المصرية، وتنظيم دورات تدريبية قصيرة ومتوسطة الأجل للكوادر التعليمية والصحية، وفى مجال التعليم العالى، والثالث هو تطبيق نظام تعليمى يابانى فى عدد من رياض الأطفال التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى فى خمس محافظات». ويؤكد السفير فى هذا الصدد أن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا E-JUST تعد من أهم مشروعات التعاون الثنائى مع اليابان، فهى أول جامعة يابانية فى الخارج، وترعاها 14 من أكبر الجامعات التكنولوجية اليابانية، والجانب اليابانى يتحمل الدعم الفنى والمادى من خلال تزويد الجامعة بالمعدات اللازمة للمعامل، وإيفاد الأساتذة والخبراء للجامعة، وكذلك يتحمل تمويل المشروعات العلمية كلها.
كما يوجد اتفاق أكاديمى آخر، والكلام للسفير أبو بكر، للتعاون بين جامعتى «الجلالة» و»هيروشيما»، منذ أبريل 2021، ومبادرة أخرى للتبادل الطلابى بين جامعة هيروشيما وعدد من الجامعات المصرية.
ويضيف أن المكتب الوحيد لمؤسسة اليابان Japan Foundationفى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا موجود فى القاهرة، علما بأن تلك المؤسسة هى الذراع الثقافية الرسمية لليابان.
وفى إطار التعاون الفنى، تقدم اليابان من خلال وكالة «جايكا» المنح والقروض وبرنامج التعاون بالتنسيق مع رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية، وهى تدعم، وفقا للسفير، تمويل المشروعات التمويلية من خلال «جايكا» منذ عام 1974، ونتج عن هذا التعاون الكثير من المشروعات القومية الهامة مثل كوبرى السلام على قناة السويس، وتطوير نفق الشهيد أحمد حمدى، وإنشاء دار الأوبرا، ومستشفى أبو الريش الجامعى للأطفال، ومشروعات حيوية أخرى فى مجالات الزراعة والرى والكهرباء والصرف الصحى والبيئة وتدوير المخلفات، كما استفاد قطاع الصحة من هذا الدعم من خلال مشروعات التأمين الصحى الشامل، وتحسين جودة الخدمات بالمستشفيات الحكومية، وتدريب ورفع كفاءة العنصر البشرى.
وعن العلاقات الاقتصادية والتجارية، يقول السفير أبو بكر إن حجم التبادل التجارى بين البلدين كان قد بلغ فى عام 2021 نحو مليار و446 مليون دولار، بقيمة صادرات مصرية 327 مليون دولار، وواردات يابانية لمصر بقيمة مليار و119 مليون دولار، رغم انخفاض هذه الأرقام العام الماضى.
ويقول: «يعمل فى مصر حاليا نحو 87 شركة يابانية، بينما تقدر القيمة التراكمية للاستثمارات اليابانية فى مصر فى القطاعات غير البترولية حتى يونيو 2021 نحو 408 ملايين دولار، وفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار فى يونيو 2021، وعلى الجانب الآخر، لا توجد فى اليابان حاليا سوى شركتين مصريتين تعملان فى مجالى السيراميك والمنتجات الزراعية».
ويضيف أن السفارة نجحت فى رفع الحظر على دخول الحاصلات الزراعية المصرية من الموالح إلى السوق اليابانية منذ نوفمبر 2020، وتتفاوض بشكل مستمر مع الجانب اليابانى لدخول مزيد من الحاصلات الزراعية المصرية، مثل العنب والرمان. ويقول أيضا إن السفارة ومكتبها التجارى نظما زيارة لبعثة أعمال يابانية لمصر فى ديسمبر الماضى تضمنت عددا كبيرا من الشركات، بهدف تعظيم أوجه الاستثمارات اليابانية فى مصر.
وعلى الصعيد الاقتصادى أيضا، يشير السفير إلى اتفاق البلدين فى مارس الماضى لإصدار سندات «ساموراى» لصالح وزارة المالية المصرية بقيمة تعادل 500 مليون دولار، بأجل خمس سنوات، لأول مرة فى تاريخ العلاقات بين البلدين.