تم تصميم المقترحات الجديدة للحد بشكل فعال من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من قطاع الكهرباء فى البلاد بحلول عام 2040، حيث ستمنع هذه القيود الأكثر صرامة دخول أكثر من 600 مليون طن مترى من ثانى أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوى بين عامى 2028 و2042، وهو ما يعادل القضاء على الانبعاثات من نصف جميع السيارات على مستوى البلاد. كما أنه سيقطع عشرات الآلاف من الأطنان من الجسيمات وثانى أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين، خاصة فى المجتمعات التى تتأثر بشكل غير متناسب بالتلوث الشديد. وتقدر وكالة حماية البيئة صافى الفوائد المناخية والصحية للمعايير الخاصة بالغاز الجديد ومحطات الطاقة الحالية التى تعمل بالفحم إلى 85 مليار دولار بحلول عام 2042.
وقد أشار تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى أن محطات توليد الطاقة البالغ عددها 3400، التى تعمل بالفحم والغاز فى البلاد، تتسبب حاليًا فى نحو 25 % من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى التى تنتجها الولايات المتحدة، وهو التلوث الذى يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بشكل كبير. لذا تستهدف هذه الخطوة، دفع جميع المحطات الكهربائية التى تعمل بالفحم بحلول عام 2040 إما إلى الإغلاق أو التحول إلى وقود أنظف أو التقاط انبعاثات ثانى أكسيد الكربون الخاصة بهم عند المداخن.
من شأن هذا التحول أن يمنح المستهلكين وصولاً أفضل إلى الطاقة النظيفة مع تحول المزيد من السيارات وأنظمة التدفئة المنزلية والشركات من الوقود الأحفورى للعمل بالكهرباء. كما أنه بحلول عام 2030، سيمنع ما يقدر بنحو 1300 حالة وفاة مبكرة وأكثر من 300 ألف نوبة ربو و800 زيارة للمستشفيات وغرف الطوارئ و38 ألف يوم تغيب عن المدرسة سنويًا. وقال مايكل إس ريجان، مدير وكالة حماية البيئة: «من خلال اقتراح معايير جديدة لمحطات الطاقة التى تعمل بالوقود الأحفوري، فإن وكالة حماية البيئة تفى بمهمتها للحد من التلوث الضار الذى يهدد صحة المواطنين». مضيفا: «إن الهدف هو تقليل التلوث من أكبر الوحدات التى تعمل بالفحم والغاز والتى تعمل أكثر من غيرها، فنحن نتخذ إجراءات مناخية حاسمة بموجب قانون الهواء النظيف فلقد ركزنا على تلك المصادر الأكثر تلوثا».
جاء هذا الإعلان بعد سنوات من الاضطراب فى وكالة حماية البيئة بشأن كيفية صياغة معايير لمحطات الطاقة يمكنها التصدى للتحديات القانونية التى أدت إلى انهيار خطة الطاقة النظيفة لإدارة أوباما، خاصة أن إدارة بايدن تتعرض لضغوط كبيرة لإنهاء هذا العمل فى أقل من عام، كى يصعب التراجع عنه فى حالة عدم انتخاب بايدن مرة أخرى. وتقول الوكالة فى اقتراحها إن أنظمة احتجاز الكربون والهيدروجين أثبتت فاعليتها وبأسعار معقولة حتى إن كان استخدامها محدودًا حتى الآن، وإن إقامة محطات جديدة تعمل بالغاز معظم الوقت يجب أن تحتوى فعليًا على أنظمة احتجاز الكربون أو حرق الهيدروجين.
تعتمد قرارات وكالة حماية البيئة (EPA) على قدرة شركات الطاقة على تحمل تكاليف هذه التكنولوجيا الجديدة جزئيًا على الإعانات الحكومية الأخيرة، وذلك عقب خطط إدارة بايدن الأخرى لخفض الانبعاثات العادم، والحد من تسرب غاز الميثان من آبار النفط والغاز وتقليل استخدام المواد الكيميائية التى تؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. وتضمنت حزمة الإنفاق ما يقرب من 18 مليار دولار مجتمعة لأنظمة احتجاز الكربون والهيدروجين، وقانون الحد من التضخم، وتوفير مليارات إضافية من الإعفاءات الضريبية للمولدات الكهربائية والشركات الصناعية.
تتخذ وكالة حماية البيئة خطوات أخرى للوفاء بوعود بايدن المناخية الكبيرة، حيث أعلنت الشهر الماضى أشد القيود صرامة على الإطلاق على انبعاثات السيارات والشاحنات، وهى أكبر مصدر فى البلاد لانبعاثات الاحتباس الحراري. ومن شأن المقترحات الأخرى للحد من السخام والزئبق أن تساعد أيضًا فى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. فى وقت لاحق من هذا العام، من المفترض أن تنهى الوكالة قيودًا جديدة على انبعاثات غاز الميثان فى صناعة النفط والغاز، والتى تحبس حرارة تزيد 85 مرة على ثانى أكسيد الكربون على المدى القصير.
حتى الآن، قطعت البلاد نحو ثلث الطريق نحو هدفها لعام 2030 لخفض الانبعاثات، وأن معظم التخفيضات المتبقية اللازمة للانبعاثات يجب أن تأتى من قطاع الطاقة. لذلك يرى مجموعة من خبراء جامعة برينستون الأمريكية أن قانون الحد من التضخم يضع البلاد فى طريقها لخفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 42 % بحلول نهاية العقد. وأن الإجراءات التنفيذية على محطات الطاقة والمركبات والميثان ستتخذ معظم الوقت المتبقي.
من المؤكد أن هذه الإجراءات ستواجه معارضة من صناعة الوقود الأحفورى ومشغلى محطات الطاقة وحلفائهم فى الكونجرس، خاصة أن الخطة تعتمد على تكنولوجيا الطاقة النظيفة حققت حتى الآن بعض الإنجازات المحدودة. ويحذر بعض المدافعين عن الوقود الأحفورى من أن دفع الإدارة قد يدفع المصانع التى تعمل بالفحم والغاز إلى الخروج من الشبكة، مما يؤدى إلى تفاقم الموجة المستمرة من نقص الطاقة وانقطاع التيار الكهربائى وربما رفع الأسعار. ومن المحتمل أن تثير طعنًا قانونيًا فوريًا من مجموعة من المدعين العامين الجمهوريين الذين رفعوا دعوى قضائية بالفعل على إدارة بايدن لوقف سياسات المناخ الأخرى.
قال جيم ماثيسون، رئيس الجمعية التعاونية الكهربائية الريفية الوطنية، التى تشغل محطات طاقة تخدم المجتمعات الأقل نموًا فى البلاد: «هذا الاقتراح سيزيد من إجهاد الشبكة الكهربائية الأمريكية ويقوض عقودًا من العمل للحفاظ على الأضواء بشكل موثوق فى جميع أنحاء البلاد». وأضاف: «نشعر بالقلق من أن الاقتراح يمكن أن يعطل أمن الطاقة المحلي، ويفرض على محطات الطاقة الحيوية والمتاحة دائمًا التقاعد المبكر، ويجعل من الصعب للغاية السماح بإنشاء محطات جديدة للغاز الطبيعى وتحديد مواقعها وبنائها».
فى الوقت نفسه أعلنت وكالة حماية البيئة أن هذا الاقتراح سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بالتجزئة بنحو 2 ٪ فى عام 2030، وبالكاد على الإطلاق بعد ذلك. ووصف مسئولو الإدارة ذلك بأنه «ضئيل» وقالوا إن المساعدة من قانون خفض التضخم ستساعد فى تعويض بعض هذه الزيادات فى الأسعار.