تتمثل إحدى أبرز الأولويات الرئيسية للولاية الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسى فى تشكيل اقتصاد مصرى ينقل البلاد لمرحلة مختلفة ويمكنها من مواجهة التحديات الضاغطة والأزمات الطارئة، الأمر الذى يمكن تحقيقه من خلال تحول كبير فى الرؤية أو الفلسفة الاقتصادية للدولة عبر الحد من هيمنة الأخيرة على النشاط الاقتصادى وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد، والتركيز على قطاعات بعينها باعتبارها «وقود التنمية» مثل الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتـج المحلـى الإجمالى تدريجيـا، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير فرص العمل المستدامة.
ويضاف إلى ذلك السعى لتحقيق الأمن الغذائى لعدم الوقوع فى فخ ارتفاع الأسعار نظرا للاستيراد الخارجي، مع إعطاء أهمية مركزية لتوطين الصناعة أو «التصنيع المحلي» لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبي، وتقليل الاعتماد على الواردات وتحسين ميزان المدفوعات. وفى هذا السياق، أعلنت مصر عن قائمة تضم (152) فرصة استثمارية لمنتجات صناعية لتوطينها فى مصر والعمل على إنتاجها محليًا بدلًا من استيرادها، بقطاعات: الصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الطبية والدوائية، والغذائية والحاصلات الزراعية، والنسيجية، والطباعة والتغليف، والكيماوية، ومواد البناء والصناعات المعدنية، والهندسية.
وكذلك العمل على تحويل مصر لمركز إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، وتعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس. غير أن هناك مسارا آخر ينطوى على قدر كبير من الأهمية وهو ما يتعلق بالإصلاح على الصعيد المالي، من خلال الانضباط فى الانفاق الحكومي، وتعزيز الإيرادات العامة. فضلا عن تحقيق العدالة الضريبية ودمج جزء كبير من الاقتصاد غير الرسمى على نحو انعكس فى نمو الايرادات الضريبية بأكثر من ٣٨٪ منذ بدء العام المالى الماضى وحتى الآن، وهو ما اتضح فى حوار أخير لوزير المالية د.محمد معيط مع المستثمرين والمصدرين حول مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي2024/2025، فى ظل إعلان الدولة مشاركة المستثمرين أعباء التمويل لخفض تكاليف الإنتاج وتحفيز التصدير واستدامة النمو الاقتصادي.
إن الهدف من هذه الرؤية ليس مجرد التعافى وإنما السعى إلى صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن من ناحية وتحسين مستوى معيشة المواطنين من ناحية أخرى.