وفى هذا الإطار سبق للاتحاد الأوروبى وخلال زيارة وفد رفيع المستوى له مطلع العام الحالى، أن أعلن عن سلسلة من الاجراءات لدعم الاقتصاد المصرى، كان من أهم محاورها تشجيع الشركات الأوروبية الكبرى على الاستثمار فى مصر فى مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة والزراعة وتوطين صناعات الأدوية والسيارات والرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وينظر الاتحاد الأوروبى إلى مصر باعتبارها شريكا استراتيجيا رئيسيا فى مجال الطاقة، خصوصا فى ضوء الدور الرئيسى والمحورى لمصر فى منتدى غاز شرق المتوسط، والجهود الحالية المبذولة لتعظيم دور القاهرة كمركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز الطبيعى فى المنطقة، وفى هذا السياق أيضا سبق لسفير الاتحاد الأوروبى فى مصر «كريستيان بيرجر» تأكيد أن مصر محور لإنتاج الطاقة النظيفة، خاصة أنها تمتلك قدرات ضخمة فى تطوير برامج الطاقة، ومن ثم دعا فى أكثر من مناسبة لأهمية تطوير البنية التحتية لإنتاج الطاقة النظيفة فى مصر.
وانطلاقا من هذا الاهتمام جاءت مشاركته فى افتتاح مزرعة الرياح فى خليج السويس مؤخرا، فى إطار الدعم الأوروبى لمصر فى هذا الملف المهم، حيث يقوم الجانب الأوروبى بتمويل هذا المشروع بالشراكة مع الحكومة المصرية، وتشمل جهات التمويل، الاتحاد الأوروبى وبنك الاستثمار الأوروبي، والوكالة الفرنسية للتنمية، وبنك التنمية الألمانى نيابة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادى والتنمية، حيث ساهمت هذه الجهات مجتمعة فى تمويل المشروع، الذى بلغت قيمته الإجمالية بما فى ذلك البنية التحتية المرتبطة به ٢٥٧ مليون يورو، ساهم فيها بنك التنمية الألماني، الممول المشارك الرئيسى بنحو ٥٩ مليون يورو على شكل قروض لهذا المشروع، بينما يشارك بنك الاستثمار الأوروبى بقرض قيمته ٩٤ مليون يورو، وحزب البديل من أجل ألمانيا بقرض بلغت قيمته٤٠ مليون يورو، والاتحاد الأوروبى بمنحة قدرها ٣٠ مليون يورو، بهدف توفير مزيد من الدعم والتعاون فى مجال الطاقة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وفى إطار الجهود التى يبذلها الاتحاد على المستوى العالمى لدعم تحول الطاقة نحو المصادر الجديدة والمتجددة، والتى رصد لها مبلغا ضخما يقدر بـ 2،3 مليار يورو من ميزانيته لتنفيذ هذا التحول خلال العامين المقبلين.
وتنفيذا لهذا الالتزام، أعلن الاتحاد الأوروبى أنه سيعمل على دعم مصر فى صياغة تحديث استراتيجية الطاقة، فيما يتعلق بنسبة الطاقة المتجددة ومساهماتها فى مجمل الناتج المحلى من الطاقة، الأمر الذى سيسهم فى رفع مستوى كفاءة استخدام مصر لمواردها من الغاز بشكل أفضل من خلال تصديره إلى الأسواق الدولية.
ومن هنا كان تأكيد الاتحاد الأوروبى أنه سيعمل بشكل وثيق مع مصر ومن خلال مؤتمر الاستثمار المقرر عقده نهاية الشهر الحالى، للتعريف بالفرص الاستثمارية وتعزيز انخراط الشركات الأوروبية فى السوق المصرية، حيث ستكون خطة جذب الاستثمارات فى الطاقة المتجددة والهيدروجين المتجدد على رأس الموضوعات المطروحة، وذلك فى إطار الشراكة الاستراتيجية طويلة الامد بين الجانبين التى شهدت توافقا فى عدة محاور، منها التعليم والزراعة وتعزيز انتاج مصر من الهيدروجين الاخضر وتصديره لدول الاتحاد الاوروبى. خاصة مع الأخذ فى الاعتبار أن التوافق على استراتيجية الطاقة يعد أحد المحفزات التى ستمكن من صرف الشريحة الأولى من الحزمة المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبى لمصر.
وطبقا لما أعلنه الجانب الأوروبى سيتم تقديم منحة بقيمة ٣٥ مليون يورو لربط الطاقة المتجددة المنتجة فى خليج السويس، بالشبكة القومية، وسيتم دمج هذه الأموال مع قرض من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية بقيمة ١٦٠ مليون يورو، وهو ما يتطلع إليه الجانب الأوروبى، ممثلا فى سفير الاتحاد بالقاهرة، على أن يتم خلال مؤتمر الاستثمار المقبل، وكلها خطوات تترجم دعم بروكسل مسار تشجيع الاستثمارات واستدامة المشروعات.