وانطلاقا من رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتفعيلا لسياسة الحكومة التى تهدف إلى ترسيخ دور مصر كمركز إقليمى للطاقة فى منطقة شرق المتوسط، فى ضوء ما تملكه الدولة المصرية من إمكانيات فى هذا الصدد، يولى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة لمشروعات الربط الكهربائى أهمية قصوى إذ يؤكد الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن مصر تسابق الزمن لتحقيق الرؤية الإستراتيجية 2030، لتصبح مصر مركزا محوريا لتبادل الطاقة بين القارات الثلاث «إفريقيا وآسيا وأوروبا»، بما يعزز دور مصر الرائد فى هذا المجال مشيرا إلى أن مصر تستطيع بما لديها من امتيازات أن تحقق الهدف الطموح بسبب موقعها الجغرافى المتميز وامتلاكها شبكة كهربائية قوية ومستقرة ممتدة على مستوى الجمهورية، إضافة إلى الاحتياطى الآمن الذى تتمتع به الشبكة القومية من القدرات فى إنتاج الكهرباء تصل إلى نحو 61 ألف ميجا وات، وهو ــ بحسب وزير الكهرباء ــ ما يجعل من مصر مركزا محوريا لتبادل الطاقة.
ويضيف وزير الكهرباء والطاقة المتجددة فى تصريحات خاصة لـ«الأهرام»، أن مشروعات الربط الكهربائى مع دول الجوار تحظى باهتمام كبير من جانب الدولة المصرية، حيث يحقق ذلك عائدا اقتصاديا من خلال تصدير الطاقة الكهربية الفائضة لدول الجوار، وزيادة اعتمادية وموثوقية الشبكة الكهربائية وتعزيز الأمن والإمداد الطاقى لجميع دول الربط، مؤكدا أهمية الربط وتبادل الطاقة الكهربائية فى دعم مزيج الطاقة، خاصة الطاقات المتجددة والذى سيحقق فوائد اقتصادية للدول والأطراف المعنية، مشددا على اهتمام القيادة السياسية بمشروعات الربط الكهربائى، حيث تشارك مصر بفاعلية فى جميع مشروعات الربط الكهربائى الإقليمية.
الربط المصرى الليبى
وبحسب تقرير حديث لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، حصلت «الأهرام» على نسخة منه، فإن الربط الكهربائى للشبكة القومية المصرية يتم على عدة محاور، من بينها الربط مع القارة الإفريقية الذى يشمل الربط المصرى الليبى حين تم التفكير بين البلدين فى مشروعات لربط البنية التحتية لتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى، ودخل مشروع الربط بين مصر وليبيا حيز التنفيذ عام 1998 لنقل قدرة 240 ميجاوات باستخدام تكنولوجيا التيار على جهد 220 ك.ف، يطول 170 كيلومترا، مشيرا إلى أنه من المستهدف، ووفقا لدراسة فنية واقتصادية مبدئية للمشروع، رفع قدرة خط الربط القائم بين مصر وليبيا إلى 2000 م. وات على جهد 500 كيلو فولت، حيث يعد تنفيذ هذا المشروع ـ وفقا لما جاء فى التقريرـ مرحلة أولى لربط مصر بدول المغرب العربى.
كما تم إنشاء خط هوائى برج العرب ــ مطروح جهد 500 ك.ف. ويجرى العمل على توسعة محطتى برج العرب الترفيهية بجهد 500 ك.ف وشرق مطروح بجهد 500 ك.ف لدعم رفع قدرة خط الربط المصرى الليبى.
الربط المصرى الإفريقى
ووفقا للتقرير، فإن الربط المصرى الإفريقى، يتضمن أيضا ربط الشبكة المصرية بالشبكة السودانية، وقد نشأت الفكرة فى منتصف القرن الماضى حين تم التفكير فى مشروعات لربط البيئة التحتية وممرات مائية بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى وتطورت الفكرة بالسنوات الأخيرة لتشمل مشروعات عديدة فى مجالات الزراعة والنقل. وتم تغذية الشبكة السودانية من الشبكة المصرية ضمن المرحلة الأولى للتغذية وبقدرة تصل إلى 80 ميجا، كما تم التعاقد مع الشركات العالمية لتوريد وتركيب عدد 2 معوض قدرة غير فعالة) سعة: 150م فار فى محطتى مروى ودنقلة بالجانب السودانى بما يسهم فى زيادة القدرة المنقولة إلى الجانب السودانى إلى 300 ميجا وات إلا أن الأحداث الأخيرة التى شهدها السودان تسببت فى توقف الأعمال.
الربط مع آسيا
ويؤكد التقرير، أن الربط الكهربائى مع آسيا يعد واحدًا من أهم مشروعات الربط الكهربائى ويتم من خلال عدة محاور فى مقدمتها الربط مع الشبكة الأردنية، ونشأت الفكرة بين البلدين فى السبعينيات فى مشروعات لتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى فى مجالات الاقتصاد والطاقة وتم ربط شبكتى مصر والأردن عام 1998 فيما تم توقيع اتفاقية إطارية بين مصر والأردن لإجراء دراسة جدوى فنية واقتصادية لرفع قدرة خط الربط القائم حتى 2000 ميجاوات من خلال كابلات، حيث وافق الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى و الاجتماعى على المساهمة فى إعداد دراسات الجدوى الفنية و الاقتصادية بمنحة قدرها 300 ألف دينار كويتى، ويجرى حاليا التنسيق مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية حول حجم الأعمال المطلوبة للاستشارى والجدول الزمنى المقترح.
ونوه التقرير إلى أن بداية العام الحالى شهدت تجديد عقود الربط الكهربائى بين مصر والأردن لعام 2025، مع الإبقاء على شروط العقد السابق لعام 2024، مشيرا إلى أنه تم توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والأردن وهيئة الربط الكهربائى لدول مجلس التعاون الخليجى لدراسة الربط الكهربائى بقدرة 2000 ميجاوات فى 2019 وتم تحديث دراسة هيكل المشروع وتقييم الربحية فى ضوء متغيرات الشبكة من دخول طاقات متجددة والربط مع أوروبا، حيث أكدت الدراسة أن مصر ستكون مصدرا رئيسيا للطاقة لدول الربط الخليجى ومن المقرر استعراض نتائج الدراسة خلال الفترة القادمة.
أوروبا
وبشأن الربط مع أوروبا لمشروع الربط المصرى ــ الإيطالى، يشير التقرير إلى أنه تم توقيع اتفاق نوايا بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء وأحد الكيانات الاقتصادية الإماراتية بشأن بدء المناقشات لمشروع تصدير الطاقة النظيفة من مصر إلى أوروبا بقدرة تصل إلى 3000 م. وات، حيث انتهى المطور من الدراسات المبدئية للمشروع ويتم حاليا الاستعداد لإعداد الدراسات التفصيلية.
وأكد الدكتور محمود عصمت أن الربط المصرى الأوروبى يعد واحدا من أهم مشروعات تبادل الكهرباء من خلال الربط المصرى القبرصى، موضحا أنه تم إدراج مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان فى القائمة النهائية للمشروعات ذات المنفعة المتبادلة بالاتحاد الأوروبى، مشيرا إلى أن الربط الكهربى بين مصر واليونان يمثل أهمية بالغة لتحقيق التنمية المستدامة، ويستهدف الربط بالشبكة الكهربائية الأوروبية.
ويضيف الوزير أنه فى أكتوبر 2021 تم توقيع مذكرة التفاهم الثنائية بين مصر وقبرص لدراسة الربط الكهربائى بين البلدين، وتم عقد عدة اجتماعات بين الجانبين المصرى والقبرصى، تم خلالها الاتفاق على ضرورة دراسة مشروع الربط بين مصر وقبرص لتحديد المسار الأكثر جدوى، من خلال دراسة عدة بدائل تشمل «مصر وقبرص واليونان» و«مصر واليونان وقبرص»، موضحا أن أكتوبر 2021 شهد توقيع مذكرة تفاهم ثنائية بين مصر واليونان لدراسة الربط الكهربائى كاشفا أنه تجرى حاليا دراسة آلية مشاركة الأطراف الثلاثة «مطور المشروع، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، والشركة اليونانية لنقل الكهرباء» للمساهمة فى دراسات الجدوى للمشروع بغرض سرعة البدء فى الإجراءات المطلوبة، فيما شهد أبريل الماضى الإعلان من قبل مطور المشروع عن طرح كراسة الشروط والمواصفات ودراسة الجدوى.
يعد مشروع الربط المصرى السعودى أحد أهم مشروعات الربط الكهربائى فى المنطقة، حيث نشأت الفكرة بين البلدين سنة 2005 لتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى وتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة من خلال تبادل 3 جيجاوات من الطاقة الكهربائية بين البلدين باستخدام تكنولوجيا النقل بالجهد الفائق ذى التيار المستمر ثنائى القطب جهد «بلاس» 500 كيلو فولت.
الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة، يقول إن مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية يحظى باهتمام بالغ وأولوية كبيرة من القيادة السياسية وبدعم كبير من الجانبين، بما يسهم فيما تحقق بالمشروع خلال الفترة الأخيرة والتى شهدت جهودا غير مسبوقة من جميع الأطراف والجهات المعنية تضمنت اتخاذ العديد من الإجراءات والخطوات واللقاءات المكثفة بين البلدين فى القاهرة والرياض للإسراع بخطوات تنفيذ المشروع، مشيرا إلى أن تلك الجهود انتهت إلى أهمية بدء التشغيل مطلع الصيف المقبل لتبادل 1500 ميجا وات كمرحلة أولى تصل إلى 3 جيجاوات بعد 6 أشهر.
وأكد وزير الكهرباء أن المشروع شراكة إستراتيجية بين مصر والسعودية، وأن التعاون فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة بين البلدين يعد نموذجا لتحقيق الفائدة المشتركة وتعظيم العوائد من الموارد الطبيعية المتاحة خاصة فى مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.