تفاصيل الخبر
رحلة الخروج من الظلام إلى النور
التاريخ : 16 / 12 / 2018
منذ 5 سنوات كان المشهد مثيرًا وعبثيًّا إلى درجة كبيرة، فالكهرباء كانت مثل الفاكهة المحرمة، لا تأتى إلا نادرًا، والظلام أصبح يهاجم القاهرة والمحافظات يوميًّا ولساعات طويلة، ربما تمتد إلى أكثر من نصف اليوم فى محافظات الصعيد والوجه البحري، وتقل قليلًا فى محافظات القاهرة الكبري.وفى كل الأحوال أصبح تخفيف الأحمال سمة يومية فى التعامل مع الكهرباء، ومع استمرارية تلك الحالة الظلامية ازدهرت تجارة المولدات الكهربائية للطبقة الميسورة، أما الطبقات الفقيرة فلجأت إلى شراء «لمبات الجاز» و«الكلوبات» مرة أخري.


أدى الانقطاع المستمر للكهرباء إلى تلف الأجهزة الكهربائية فى المنازل، وفساد المخزون من الأطعمة فى البيوت، وأصبحت الكهرباء والانقطاعات المستمرة لها حديث الصباح والمساء فى البيوت المصرية. كان السؤال الذى يلح على ألسنة المصريين ماذا حدث؟! ولماذا هذا الانهيار الرهيب فى الكهرباء؟!. كانت الإجابات مراوغة كثيرًا وصحيحة قليلًا، وعبثية أحيانًا، لدرجة أن رئيس الجمهورية المعزول محمد مرسى خرج فى خطاب رسمى يتحدث عن هؤلاء الذين يقطعون الكهرباء متعمدين من العمال، وتحدث عن أحد العمال فى إمبابة الذى «يغلق سكينة الكهرباء ويمشي» فى تشخيص للأزمة بشكل هزلى وعبثى إلى حد كبير، أما رئيس وزرائه آنذاك هشام قنديل، فقد طالب المصريين بارتداء الملابس القطنية، وعدم تشغيل المكيفات والأجهزة الكهربائية. مأساة كبيرة عاشتها مصر مع أزمة الكهرباء فى تلك الفترة العصيبة من تاريخها، وامتد تأثيرها السلبى إلى المصانع والشركات التى تعطَّل فيها العمل بسبب انقطاعات الكهرباء المستمرة، وعدم انتظامها. المشهد الثانى كان فى مستودعات أسطوانات البوتاجاز التى كانت فيها الطوابير تصل إلى مسافات طويلة بسبب الصراع على الفوز بأسطوانة بوتاجاز بسبب نقص الحصة وعدم الانتظام فى توريد حصص الأسطوانات المقررة للمستودعات، وأصبحت صورة طوابير مستودعات البوتاجاز دائمة فى الصحف المصرية حينذاك، وانخفض المخزون الإستراتيجى للبوتاجاز إلى أقل من أسبوع، وكانت الأزمة تشتد وتكون أكثر ضراوة فى الشتاء، وفى المواسم وقبل الأعياد بسبب الزيادات الطبيعية فى الاستهلاك. المشهد الثالث، من محطات تموين السيارات، فقد وصلت الأزمة إليها هى الأخري، وامتدت طوابير السيارات أمام محطات البنزين لتغلق الطرق وتعطل السير فى انتظار قدوم العربات المحملة بالبنزين التى كانت غالبا لا تكفى كل هذه الطوابير المنتظرة، ووصل الأمر إلى أن أصحاب السيارات كانوا يضطرون إلى المبيت أحيانا فى سياراتهم انتظارًا لوصول العربات الناقلة للبنزين. كان من الصعب أن تتوافر كل أنواع البنزين فى محطة تموين واحدة، خاصة السولار وبنزين 80، فيضطر اصحاب السيارات إلى عمل «كعب داير» وقطع مسافات طويلة بحثًا عن محطة تموين تتوافر بها تلك النوعيات. مأساة كبيرة عاشتها مصر فى تلك الفترة الصعبة مع الكهرباء والطاقة، وكان المصريون يتابعون خروج الشحنات من موانى الدول الصديقة والشقيقة القادمة إلى مصر فى محاولة لمتابعة توقيت وصولها لمعرفة حجم الانفراجة المتوقعة ومدتها، وللأمانة والتاريخ، فقد وقفت دول الخليج العربى خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت موقفًا تاريخيّا لا يُنسى من أجل تخطى تلك الفترة العصيبة باستثناء بعض المواقف الانفعالية التى لا تنسى أيضا، حينما قررت إحدى الشركات التابعة لدولة شقيقة إعادة السفن وهى فى عرض البحر ومنعها من القدوم إلى مصر حتى تم تجاوز تلك المشكلة وحل الأزمة.

العودة الى الأخبار